وكذلك قوله:(إنه ناقل للكلام عن معنى نذر الإعتاق إلى معنى الحلف على ذلك الفعل) لا يُحتاجُ إليه، فإنَّ هذا إنما يقال لو كان مثل هذه المادة لم تضعه العرب إلا فيمن قَصَدَ النذر دون من قصد اليمين، وليس الأمر كذلك، بل صيغةُ التعليق [٢٧٤/ أ] تستعملها العرب والعجم فيما يُقصد به وقوع الجزاء عند الشرط، وفيما يُقصد به اليمين لا يراد به وقوع الجزاء، وإن جعل لازمًا فإنما قَصَدَ بلزومه أَنْ يكون لزومه مانعًا من الشرط، لكن قد يقول كونه كارهًا للجزاء عند الشرط أَمْرٌ واردٌ على أصلِ التعليق، فإنَّ أَصْلَ التعليقِ إنما وُضِعَ لمن يقصد وقوع الجزاء؛ لكن هذا ممنوع، بل صيغةُ التعليقِ موضوعةٌ لمجرد الربط، وهو جَعْلُ الجزاء لازمًا للشرط.
أما كون المعلِّق قاصدًا للزوم أو كارهًا له؛ فهذا لا يدل عليه جنس التعليق لا بنفي ولا إثبات، والعرب لم تضع جنس التعليق مجردًا عن المواد المعينة، بل تكلموا بصيغةِ تعليقٍ يرادُ بها هذا، وصيغةِ تعليقٍ أُخَر يراد بها هذا؛ أي: لا يجتمع قَصْدُ هذا وهذا في تعليق مُعَيَّن، كما في صيغة اليمين.
فإنه لو قال: إِنْ فعلتِ فوالله لأطلقنَّك؛ فهذه الصيغة إنما تتضمن الحلف على أن يطلقها إذا وجد ذلك الفعل، أَمَّا كونه إذا وجد الفعل يريد أَنْ يطلقها أو لا يريد أَنْ يطلقها إذا فعلتْه، بل حلف معتقدًا أنها لا تفعل ولا تجعله حانثًا ليطلقها (١) = فهذا لا يدل عليه الوضع لا بنفي ولا إثبات، ولا يقال: إذا كان مراده أحدهما أَنَّ الكلام نُقِلَ عن معناه إلى معنى آخر.
وكثيرًا ما يحلف الرجل: إِنْ فعلتَ كذا لأفعلنَّ بك كذا، ويظن أنه لا
(١) في الأصل: (حالفًا ليطلقنَّها)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.