للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُسْنَد عنها لفظ تستثني [٤٣/ أ] فيه الطلاق والعتاق فيما بلغنا، ولا ذكر ذلك أحد عنها مسندًا.

فكيف يسوغ مع هذا أنْ يُنْكِرَ أقوال الصحابة - رضي الله عنهم -، أو الصحابة والتابعين في العتق مع كثرة من نقل عنهم، وجلالة أقدارهم، وسعة علمهم، وتثبتهم فيما ينقلونه، وهم يَرْوون ذلك بالأسانيد الثابتة المعروفة عن الصحابة والتابعين، ثم يَدَّعِي الإجماع على الطلاق؟!

وبعضُ هؤلاء هو الذي نَقَلَ الطلاق، وقد نازعه غيره من هؤلاء، فهم متفقون على نقل النزاع في العتق مختلفون في نقل الإجماع في الطلاق، فلو لم نعلم خلافًا ثابتًا في الطلاق لكان إمساكنا عن نقل الإجماع في الطلاق مع اختلافهم فيه ونَقْلُنا للنزاع في العتق الذي اتفقوا على نقل النزاع فيه= أولى من أنْ نجزم بالإجماع في الطلاق مع ما ثبت من نقل النزاع فيه، وننفي النزاع في العتق مع ما ثبت واشتهر وعرفه الفقهاء من نقل النزاع فيه.

وأما ما نقله ابن المنذر في الإشراف عن أبي ثور فيما إذا قال لعبده: إنْ لم أضربك فأنت حر وأراد بيعه؛ أنه إذا لم يجعل لذلك وقتًا لا يقع عليه العتق، وقوله: وهذا يقتضي أنه إذا جعل له وقتًا يقع (١).

فيقال له: ابن المنذر نفسه ممن نقل النزاع في العتق عن الصحابة والتابعين، وعن أبي ثور نفسه، وهو في هذا النقل موافق لسائر العلماء الناقلين لأقوال السلف مسندة بألفاظها ومرسلة بمعانيها أو بألفاظها، وقول أبي ثور في العتق مشهور يعرفه عامة العلماء، فلا يحتج بمفهوم نقل ابن


(١) تقدمت الإشارة له في (ص ١٣٣).