للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: ليس المقصود ذكر بحثه لقوله الذي اختاره هو أَنَّ هذه التعليقات التي يقصد بها اليمين ليس نذرًا ولا يمينًا منعقدة، وهذه قول طائفة من السلف، وهي أصل مذهب داود وابن حزم أيضًا؛ لكن المقصود: جزمه وتصحيحه لما نقل عن الصحابة والتابعين من أن الحالف بالعتق إذا قال: كل مملوك لي حر إن فعلت فإنها يمين مكفرة عند من ذكر عنه ذلك من الصحابة والتابعين، وأنَّ ما ذهب إليه من إلزام الحالف بهذه التعليقات بجميع ما التزمه أو ألزمه بغير العتق فإنه مما نقله ابن حزم قولٌ خارج عن أقوال السلف، وهذا كما قال ابن حزم فإنه لا يُعْرف عن أحد من الصحابة لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه ألزم الحالف بهذه الأيمان بجميع ما أَلزم نفسَهُ فيها ولا أَلزمَهُ بجميع ذلك إلا العتق، بل ولا ألزمه بجميع ذلك إلا (١) العتق والطلاق، فليس مع القائل بشيءٍ من هذه الأقوال نقل مسند (٢) عن أحد من الصحابة، ولكن ذكره ابن عبد البر بلا إسناد عن عائشة (٣) في استثناء الطلاق والعتاق (٤).

والمروي عن عائشة - رضي الله عنها - بالإسناد المعروف يناقض ذلك؛ فتارة تصرح بالتكفير في العتق وغيره (٥)، وتارة يعم لفظها جميع الأيمان (٦)، ولم


(١) كذا في الأصل، وفوقها حرف (ظ).
(٢) في الأصل: (سند)، والصواب ما أثبتُّ.
(٣) (عن) وحرف العين من عائشة غير واضح في الأصل، وبما أثبت يستقيم الكلام.
(٤) لم أجده مسندًا. وقد ذكره ابن عبد البر في الاستذكار (١٥/ ٤٠٦) بلفظ: (كلُّ يمين ليس فيها طلاق ولا عتاق، فكفارتها كفارة يمين).
(٥) كما في قصة مولاة أبي رافع، وسيأتي ذكرها في كلام المجيب.
(٦) كما في قولها: (كل يمين ــ وإنْ عظمت ــ فكفارتها كفارة يمين).