للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب من وجوه:

أحدها: أَنَّ الأقوال للسلف ثلاثة فقط؛ إمَّا لزوم ما التزمه، وإِمَّا إجزاء التكفير، وإما أنه لا شيء عليه، وجمهور السلف على إجزاء الكفارة.

والقائلون بإجزاء الكفارة يقولون: إذا فَعَلَ ما نذره لم يكن عليه شيء آخر، وهو معنى قول مَنْ يخيِّره بين الوفاء وبين التكفير، وقد ذكر الإمام أحمد بن حنبل إجماعَ الناس على أنه إذا فعل المنذور لم يكن عليه [٢٥٤/ أ] شيء آخر، وَإِنْ كان قد حُكِيَ القولُ بتعين الكفارة رواية عنه، وقول للشافعي اختاره طائفة من الخراسانيين. قال أحمد: [ ... ] (١).

الثاني: أَنَّ هذا المعترض ظَنَّ أَنَّ مَنْ قال بالتخيير لا يحتج بالآية، وَمَنْ قال بلزوم الكفارة لا يلزم أن يكونوا أخذوه من دلالة الآية عليه لفظًا بل بالقياس؛ وهذا الكلام فيه غلطٌ عظيمٌ على السلف والعلماء من أربعة أوجه:

من جهة أَنَّ أصحاب القول الأول لم يحتجوا بالآية لعدم دلالة الآية على ذلك، وَأَنَّ أصحاب القول الثاني وإن أمكن أن يحتجوا بالآية فلا يلزم ذلك، بل يمكن أن يكون معتمدهم القياس، ثم أخذ يُضَعِّفُ حُجَّةَ هذا القول لِظَنِّهِ (٢) أَنَّ مَنْ جعل هذا يمينًا مكفرة واحتج بالآية لا (٣) حجة له، ومن جهة ظَنِّهِ أنه إذا كانت الحجة في الكفارة هو القياس؛ فالجامع هو: الالتزام، وهو منتفٍ في الحلف بالطلاق، وفي هذا الكلام من سوء الفهم وقلة المعرفة ما يطول وصفُهُ، لكن يُذكر ما يتعلق بمعرفة الأحكام الشرعية وأدلتها.


(١) بياض في الأصل مقدار ثلاثة أسطر تقريبًا.
(٢) في الأصل: (لِيُظَنَّ)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(٣) في الأصل: (ولا)، ولعل الصواب حذف الواو، أو تكون «فلا».