للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٨٨]، وقال: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] مع علمه تعالى أن أنبياءه معصومون من الشرك، فالمعلِّق للجزاء بالشرط إذا كان مخبرًا وقصده نفيهما، أو كان منشئًا وقصده عدمهما = لا يكون قصده أَنْ يقع الجزاء البتة إذا كان منشئًا، ولا قصده أَنْ يخبر بوقوعه البتة إذا كان مخبرًا، بل المخبر (١) يعلم أنه منتف في نفس الأمر لا يقع بحال، فلا يقع الفساد ولا يقع شرك الأنبياء ولا يقع عَوْدُ الكفار إلى ما نُهوا عنه، لأنَّ الشرط لا يقع فلا يقع الجزاء المعلق به، وإن كان مضمون التعليق أنه لو وقع الشرط لوقع الجزاء، لكن مع هذا التعليق فهو مخبر بعدم الشرط، ومع إخباره بعدمه لا يكون مخبرًا بثبوت الجزاء البتة.

كذلك المعلِّق بقصد اليمين هو ينشئ التعليق لقصد ألا يكون الشرط، وَجَعَلَ الجزاء اللازم الذي لا يقصد وقوعه البتة لازمًا لوجود الشرط لئلا يكون الشرط، لم يقصد [١٢٣/ أ] وجود الشرط بحال، ولا قصد إذا وجد أن يكون الجزاء، بل الجزاء مكروه له على كل حال، بخلاف من يكره الشرط ولا يكره الجزاء إذا وجد، كما لو قال: إِنْ خرجتِ من داري بغير إذني أو سرقتِ مالي أو زنيتِ أو ضربتِ أمي أو ابني فأنتِ طالق، وهو يقصد إذا فَعَلَت هذه الذنوب أَنْ يطلقها، فإنَّ هذا ليس بحالف، بل هو ناهٍ لها عن هذه الأفعال، وتوعدها بوقوع الطلاق إذا فعلتها.

وقد يتوعدها بإيقاع الطلاق كما لو قال: إِنْ فعلتِ كذا فلأطلقنَّك أو لله


(١) في الأصل: (المخير)، وما أثبتُّ هو الصواب.