للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذبح ولدي فهنا (١) يجزئه كفارة يمين، لأنه حالف بالذبح لا ناذر له (٢).

وهذا الفرق حقيقة قول ابن عباس وغيره من الصحابة يفرقون بين النذر وبين الحلف بالنذر، وهو حقيقة مذهب أحمد بن حنبل، وهو ــ أيضًا ــ حقيقة قول أبي حنيفة إذا نذر المعصية لقصد الحلف لا لقصد النذر فعليه كفارة يمين، وكذلك ذكر الخراسانيون من أصحاب الشافعي.

والمقصود: أَنَّ الأئمة الأربعة وغيرهم مِن اِتِّبَاع الصحابة وتعظيم أقوالهم بهذه المنزلة، ولكن قد يخفى عليهم بعض أقوالهم، كما قد يخفى عليهم بعض النصوص؛ ولهذا لم يُفْتُوا في الحلف بالعتق ونحوه بكفارة يمين لَمَّا لم يبلغهم ذلك عنهم، كما لم يفت أبو حنيفة ومالك في الحلف بالنذر بكفارة يمين لَمَّا لم يبلغهم ما قال الصحابة في ذلك، ثم أبو حنيفة رجع إلى أصل الصحابة قبل موته بثلاث، ومالك خالفه ابن وهب (٣) وابن


(١) في الأصل: (وهنا).
(٢) أخرج هذه المرويات عن ابن عباس: ابن حزم في المحلى (٩٩٥ - ٩٩٦)، والبيهقي في السنن الكبير (٢٠/ ١٩٤ - ١٩٩).
ووجَّه البيهقي اختلاف المرويات عن ابن عباس بقوله: (اختلاف فتاويه في ذلك (فيمن نذر أَنْ ينحر نفسه) وفيمن نذر أن ينحر ابنه يدلُّ على أنه كان يقوله استدلالًا ونظرًا، لا أنه عرف فيه توقيفًا، والله أعلم).
وانظر لزامًا: قاعدة العقود (١/ ٢٨٢ - ٢٨٤)، والمسائل الفقهية التي حُكِيَ فيها رجوع الصحابة (٢/ ٧٠١).
(٣) عبد الله بن وهب بن مسلم، أبو محمد المصري، ولد سنة خمسٍ وعشرين ومائة، روى عن مالك والليث وخلق كثير، توفي سنة سبعٍ وتسعين ومائة، عن اثنين وسبعين عامًا.
ترتيب المدارك وتقريب المسالك (٣/ ٢٢٨ - ٢٤٣)، الديباج المذهب لابن فرحون (ص ١٣٢)، سير أعلام النبلاء (٩/ ٢٢٣).