تصنف على مذاهبهم كتب، ولم تصنف الكتب على مذاهبهم كما صنفت على مذاهب الأئمة الأربعة أو الخمسة أو الستة أو السبعة، بل صنفت الكتب على مذهب أبي حنيفة ومالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وداود وابن جرير، وكلٌّ مِنْ هؤلاء له أتباع ولهم مصنفات على مذهبه.
ومعلومٌ باتفاق المسلمين أن الصحابة الذين هم أجل من هؤلاء يعتد بأقوالهم في الخلاف وإن لم يكونوا كذلك، وكذلك التابعون، وكذلك سائر العلماء مثل: الليث بن سعد وحماد بن سلمة وابن جريج وسفيان بن عيينة وسليمان التيمي وأشعث وغيرهم.
وأيضًا؛ فيقال: ما تعني بقولك: بنقل صريح؟ أتعني به ما يدل دلالة تبين مراده؟ أم ما يدل على خصوص محل النزاع من غير مشاركة غيره في الدلالة؟ واشتراط الثاني باطل.
وأيضًا؛ فمعلوم أَنَّ النقل في هذه المسألة عن بعض العلماء ليست [١٧٤/ ب] حجة شرعية يجب على المسلمين اتباعها، وإنما يجب اتباع ما أنزل الله ــ عز وجل ــ على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن المطلوب من النقل هنا أَنْ نقدح في ظن الإجماع؛ فإنَّ الإجماع نوعان: قطعي؛ يُقطع بأنَّ الأمة أجمعت عليه، وظني؛ يُظنُّ أَنَّ الأمة أجمعت عليه.
وقد تنازع الناس في الإجماع هل هو حجة قطعية أم ظنية؟ وهل (١) يقطع بخطأ من خالفه؟