للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا قال: والله إن استوفيت مالي لأحجنَّ العام ليتجر بمكة أو ليحج، ولكن ليس مقصوده أَنْ يوجب عليه لله شيئًا، بل قصده حَضُّ نفسه على الفعل؛ فهذا حالفٌ ــ أيضًا ــ تجزئه كفارة يمين.

وكذلك لو قصد هذا المعنى بقوله: إِنْ استوفيتُ مالي فلله عليَّ أَنْ أحج؛ ولم يلتزم هذا لله ــ سبحانه ــ شكرًا له على تخليصه منه وقصدًا للتقرب به إلى الله، بل قَصَدَ بذلك ما يقصده الحالف، وَإِنْ كان لم يقصد الالتزام البتة مع جعله لازمًا له ــ وهو نذر اللجاج والغضب ــ؛ فهذا أبعد عن أَنْ يكون قد التزم شيئًا لله، فإنه لم يقصد أَنْ يلزمه شيءٌ البتة، وإذا فَعَلَ ما نذره لم يفعله ليتقرب بفعله إلى الله ــ تعالى ــ، بل لكونه لزمه بغير قصد منه للزومه له.

فصلٌ

وقوله: (فهذه مدحضة يجب النظر فيها؛ والذي ظهر لي ما رَمزت إليه، ولكني قليل الهجوم على ما لم أسبق إليه) (١).

فيقال له: لو استعملت ترك الهجوم على ما لم تسبق إليه في كثيرٍ مما ذكرته في هذا الاعتراض نقلًا وبحثًا= لم نحتج إلى بيانِ كثيرٍ من بيان غلطك نقلًا وبحثًا، [و] (٢) لكان ذلك مغنيًا عن رَدِّ ما هجمتَ عليه من مخالفةِ العلماء قاطبة في تعليل آثار تلقوها بالقبول والتصديق لم يعللها أحد قبلك، وَمِنْ نَقْلِ أقوالٍ عن الصحابة والتابعين ــ رضوان الله عليهم ــ لم ينقلها عنهم


(١) «التحقيق» (٤٨/ أ).
(٢) إضافة يقتضيها السياق.