للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلومٌ أَنَّ المجاز والاشتراك على خلاف الأصل، وَأَنَّ الأصل في كل اسم استعمل في معنيين أن يكون عامًّا لهما باعتبار معنى مشترك، لا أن يكون مجازًا في أحدهما، ولا أَنْ يكون مشتركًا اشتراكًا لفظيًّا، بل جميع الأسماء التي عُلِّقَتْ بها الأحكام مثل: اسم المؤمن والكافر والصلاة والزكاة والخمر والميسر واليمين هي من هذا الباب؛ فوجب أَنْ يحمل استعمال هذا الاسم على ذلك، لا على ما يخالف الأصل ويحتاج إلى دليل خاص (١).

وأما تسمية كل تعليق يمينًا، أو تسمية التعليق الذي يراد به وقوع الجزاء عند الشرط يمينًا= فهذا لا يُعرف في استعمال أحد من الصحابة، بل ولا رأيته في كلام أحد من التابعين، بل هذا كتسمية كل إيقاع للطلاق حلفًا ويمينًا، ولا ريب أَنَّ هذا هو العُرْفُ الحادث بلا ريب.

التاسع: أَنَّ كون الكلام يمينًا هو أمرٌ يتعلق بمعناه لا بصيغة مخصوصة؛ بدليل أَنَّ ذلك المعنى يسمى يمينًا سواء كان بالعربية أو بالعجمية (٢)، وسواء كان بجملة فعليةٍ كقوله: أحلف بالله لقد كان كذا، أو اسمية كقوله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: ٧٢].

كما يسمى الكلام أمرًا ونهيًا ونفيًا وإثباتًا وخبرًا واستخبارًا لأجل المعنى المخصوص المعبَّر عنه بالصيغة، بحيث يسمى أمرًا ونهيًا ونفيًا وإثباتًا وخبرًا واستخبارًا بأيِّ لغةٍ عُبِّرَ عن ذلك المعنى.


(١) انظر: موقف ابن تيمية من الأشاعرة (٢/ ٩٦٤ - ٩٧٨). وانظر ما تقدم (ص ٣١٠).
(٢) قال في قاعدة العقود (٢/ ٣٢٣): (وكون الكلام يمينًا أو ليس بيمين: من الحقائق العقلية الثابتة في فِطَرِ الناس، ليس مما تختلف فيه اللغات).