وأحج إلى بيتِ الله، فإذا وجد الشرط كان الحاصل وجوب هذه الأفعال في ذمته لا نفس هذه الأفعال، وفي اليمين المعلق بالشرط هو هذا الوجوب، لكنه هناك علقه مع بُعْدِهِ عن هذا الإيجاب وامتناعه منه، ليكون لزومه له مانعًا له من الشرط؛ وَلَمَّا كان المعلق هو إيجاب الفعل المقتضي للفعل، فإن أعتق فقد وفَّى بموجب تعليقه، ولم يبقَ في ذمته شيء، وإنْ لم يفِ فعليه كفارة يمين.
وهكذا إذا قال: إنْ فعلت كذا فمماليكي أحرار؛ فالمعلق حصول العتق بالمماليك، لكنه لم يقصد إيقاع هذا العتق؛ بل هو من أبعد الناس عنه، وهو ممتنع منه غاية الامتناع؛ بل علقه ليكون لزومه عند الشرط مانعًا له من الشرط؛ وهكذا الطلاق المعلق على وجه اليمين إذا قال: إنْ فعلتُ كذا فكل نسائي طوالق لم يُعَلِّق إيقاع الطلاق إلا وهو من أبعد الناس عنه وممتنع [٣٥/ أ] منه غاية الامتناع، وعلقه ليكون لزومه مانعًا له من الفعل، ثم جَعْلُهُ اللزومَ مانعًا له من الفعل هو موجب ربطه وتعليقه.
وأما حكم هذا اللزوم فإلى الشارع، فإنْ جعله عقدًا لازمًا لزم، وإن جعل له تحليلًا بالكفارة التي فرضها الله تحلةً لأيمانِ المؤمنين كان له حل هذا العقد بالكفارة.
وهذا الحالف باسم الله قَرَنَ ما حلف عليه بتعظيم المحلوف به؛ فموجب عقده أنه إذا وجد التعظيم وجد الفعل الذي حلف ليفعلنه، والتعظيم موجود في قلبه فيلزمه الفعل، فَجَعَلَ الشرعُ لتعقيدِ الأيمان تحليلًا كما قال تعالى:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم: ٢]، فلو لم يشرع