للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب الثامن: قوله: (فهذا فرقٌ جليٌّ واضحٌ).

يقال له: فَرْقٌ بين كون هذا المعلَّق لزومًا والمعلَّق هنا وقوعًا، وقد تبين أن هذا الفرق ليس له تأثير في الشرع، بل قد يكون المعلق لزومًا ولا يجب (١) إذا كان قصده اليمين، وإنما امتنع اللزوم لقصد اليمين لا لكونه لزومًا، وقصد اليمين موجود في تعليق الوقوع؛ فدعواه أن نذر اليمين لا تَلزمه (٢) لكونه لزوم أمرٍ التزمه = كلامٌ باطلٌ، فإنَّ هذا الوصف ثابت في نذر التبرر وقد لزمه فيه ما التزمه؛ فعلم أن هذا الوصف تارة يثبت معه اللزوم وتارة لا يثبت، فلم يكن له أثر في إثباته ونفيه، وإنما المؤثر في نفي اللزوم كونه قَصَدَ اليمين، وهذا المعنى موجود في تعليق الوقوع إذا قصد به اليمين؛ فالفرق الواضح في دين المسلمين يوجب الفرق بين ما جَمَعَ بينه والجمع بين ما فَرَّقَ بينه بخلاف ما ذكره.

وأما قوله: إِنَّ هذا بَيِّنٌ؛ أَنَّ هذا ــ يعني: تعليق الطلاق والعتاق ــ ليس من نذر [١٥٦/ ب] اللجاج والغضب في وِرْدٍ ولا صَدَر = فكلامُ من لا معرفة له بما في هذه المسألة من المنقولات، ولا بما فيها من الأدلة الشرعية.

فإنْ قَصَدَ أَنَّ تعليق الطلاق والعتاق إذا قُصِدَ به اليمين ليس معناه معنى نذر اللجاج والغضب في أن كلًّا منهما قصد به اليمين لم يقصد به لزوم الجزاء = فهذه مكابرة، وإِنْ أراد أَنَّ المعلَّق في هذا التزامٌ لفعلٍ، وفي هذا إيقاع لحكم؛ فقد قدمنا أَنَّ هذا الوصف ممنوع في الأصل والفرع، وأنه لو كان كذلك لكان فرقًا عديم التأثير، وأَنَّ المؤثِّرَ في الفرق إنما هو قصد اليمين، وأما كونه التزامًا لفعل فثبت لزومه إذا قصد النذر.


(١) في الأصل: (ويجب)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(٢) في الأصل: (تلزمه)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.