للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول القائل: إِنْ لم أفعل كذا وكذا ونحوه هو مما يقصد به اليمين ليس هو في التعليق الذي جرت العادة بأن يقصد به إيقاع الطلاق عند الصفة، وهذا معروف من مذهب طاووس في التعليق الذي يقصد به اليمين أنه يمين مكفرة، وفي الحلف بالطلاق أنه يمين منعقدة أيضًا ليس لغوًا.

وقد نقل الطحاوي (١) عن طاووس وطائفة من التابعين أنهم كانوا يقولون فيمن حلف بالله أو بالطلاق أنه لا يفعل شيئًا وفعله ناسيًا ليمينه: إنه يحنث. فقولهم يُبَيِّنُ أنها يمين منعقدة عندهم، وعلم بذلك أن مذهبه أن الحالف بالطلاق إذا فعل المحلوف عليه ناسيًا= يحنث، فكيف إذا فعله عامدًا؟ وأَنَّ قوله: ليس بشيء؛ أي: ليس بطلاق.

ونظيره قول ابن عباس - رضي الله عنهما - في الحرام: ليس بشيء (٢)، وهذا اللفظ في الصحيح [يُبَيِّنُ] (٣) أنه يمين مكفرة عنده، ومراده: ليس بتحريم، كما ثبت عنه في الصحيح (٤) أنه كان [٦١/ أ] يقول في الحرام: يمينٌ يكفرها، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١].

وفي لفظٍ آخر (٥): إذا حَرَّمَ الرجلُ عليه امرأته فهي يمين يكفرها، وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٢٦٠).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٦٦).
(٣) سواد في الأصل، وقدرته بما أثبتُّ، والله أعلم.
(٤) أخرجه البخاري (٤٩١١)، ومسلم (١٤٧٣).
(٥) عند مسلم (١٤٧٣).