للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان جمهور العلماء يقولون: إنَّ هذا ليس بإيلاء، لم يكن قولهم حجة؛ فكيف والجمهور يقولون إنه إيلاء؟!

وحينئذٍ؛ فمن قال: إنه ليس بإيلاء، فليس قوله حجة لازمة باتفاق المسلمين.

الثاني: أَنَّ هذا القول لو كان حقًّا فمأخذ أصحابه أَنَّ الحلف بغير الله ــ تعالى ــ منهيٌ عنه وإن كان يمينًا، فهم يُسَلِّمُونَ أنه يمين، ولكن يقولون: هي يمين منهيٌ عنها، كما يقول طائفة من السلف والخلف في الحلف بالنذر أنه يمين، ولكن هي يمين منهي عنها فلا كفارة فيها عندهم، وهذا مذهب ابن جرير وداود وأصحابه وطردوا ذلك في الحلف بالطلاق وغيره، فهم لم ينازعوا في أنها يمين، بل صَرَّحُوا بأنها أيمان، لكن قالوا هي منهيٌ عنها فلا ينعقد بها الإيلاء، فَيُخَرَّجُ (١) منه مثل قول هؤلاء، أنها أيمان منهيٌ عنها فلا كفارة فيها.

وقد ناظر القائلون بأنها أيمان منعقدة مشروعة مَنْ قال بثبوت الإيلاء بها، كما ذكر ذلك مَنْ ذَكَرَهُ من أصحاب الشافعي وغيره؛ فقالوا ــ وهذا لفظ أبي الطيب الطبري (٢) ــ: (وأما احتجاجه بكلام الشافعي ــ رحمة الله عليه ــ على أَنَّ هذا ليس بإيلاء، فهو في معنى الإيلاء. فيقال له: الشافعي قد صَرَّحَ بأنَّ هذه التعليقات التي يقصد بها اليمين يمين لا نذر، فقال: ولو قال: مالي في سبيل الله أو صدقةٌ على معاني الأيمان؛ فمذهب عائشة - رضي الله عنها - وَعِدَّةٌ


(١) في الأصل: (يُخَرَّجُ)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(٢) لم أجد هذا النقل عنه فيما بين يدي من المصادر.