للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول هذا المعترض أنه تتبع أقوال الصحابة والتابعين فلم يعلم أحدًا قال بهذا القول؛ فهو مُصَدَّقٌ في هذا القول الذي أخبر فيه بعدم علمه ولم يكن في ذلك إلا مثل ابن عبد البر وأمثاله، ومثل ابن [٤١/ أ/ ب] (١) حزم وأمثاله؛ بل وأبي ثور ومحمد بن جرير ومحمد بن نصر وأمثالهم ممن يقول مثل هذا القول في مسائل كثيرة ويكون فيها نزاع لم يعلمه، كما قد بسط الكلام على ذلك في موضع آخر.

وأما قوله: إنه لم يعلم أحدًا قال بهذا القول الذي اخترعه ابن تيمية من سلف ولا خلف؛ فهذا قاله بناء على عدم علمه وظنه الفاسد الذي لا يغني من الحق شيئًا، وابن تيمية يَعلم علمًا جزمًا (٢) بأنه لم يخترع هذا القول بل قد سبقه إليه غير واحد من السلف والخلف، بل هم ــ والله ــ من أَجَلِّ السلف وأجلِّ الخلف، وهم في أعصارهم وأمصارهم أفضل من غيرهم، ويَعلم مع ذلك أنه شرع الله ــ تعالى ــ الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا.

وابن تيمية يجزم بذلك، ويباهل عليه من يباهله، بل يباهل على هذا وعلى أَنَّ هذا القول هو القول الذي بعث الله ــ عز وجل ــ به رسوله؛ فَلْيَقُمْ هذا وأمثاله فليباهلون على أن هذا لم يقله أحد من السلف والخلف، وأنه خطأ مخالف لشرع الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

وقد تناظر مرة الأوزاعي والثوري في مسألة رفع اليدين في المواطن الثلاثة؛ فاحتج الأوزاعي على الرفع بحديث الزهري عن سالم عن ابن عمر


(١) سبق التنبيه على سبب إضافة الحرف الثاني.
(٢) كذا في الأصل، وله وجه.