للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعلوا كونه يمينًا مانعًا من لزوم ما هو طاعة لله ورسوله، وهو محبوب إلى الله ورسوله، لأنَّ العتق والطاعات وإِنْ كانت محبوبةً لله ورسوله= فلا تلزم إلا من ألزمه الله بها، أو مَنْ ألزم نفسه بها، وهذا المعلِّق إذا قصد اليمين فلم يقصد بها إلزام نفسه بها، بل قصد اليمين = فَلَأَنْ يقولوا: إن المعلق للطلاق إذا كان قصده اليمين لا يلزمه الطلاق الذي ليس هو بمحبوبٍ لله ورسوله بطريق الأولى والأحرى، فإنَّ قصد اليمين المانع من اللزوم هناك موجود هنا، والشارع يحب ما ألزمه هناك ولا يحب ما جعله لازمًا هنا.

ومما يبيِّن هذا: أن الشارع وَسَّعَ طريق العتق، وضَيَّقَ طُرُقَ الطلاق؛ فالعتق إذا كان من أهله في محلِّه = جاز في كل وقت، والطلاق لا يجوز في حال حيض المرأة، ولا يجوز إذا وطئها بعد الطهر حتى يتبين حملها، بل المنع من الطلاق في هاتين الحالين ثابت بالنص [١٩٠/ ب] والإجماع (١).

والطلاق لم يَزُلْ به الملك ابتداء، بل إذا أوقعه بعد الدخول كانَ أَحَقَّ برجعتها ما دامت في العِدَّةِ، وإذا مات أحدهما ورثه الآخر، وإنما يَزولُ ملكه إذا انقضت العدة، بخلاف الإعتاق فإنه يزيل الملك بنفسه، ولا يبقى بعده للسيد ملك على المملوك، ولا رجعة له بعد الإعتاق، كما له في المرأة رجعة بعد الطلاق.

وأيضًا؛ فإذا زال ملكه عنها جاز له أَنْ يثبت له الملك ثانيًا بعقد ثانٍ، والعبد إذا عتق وهو مُسلم لم يَعُدْ إلى الرِّقِّ، ولو كان ذميًّا لم يَعد إلى الرق إلا أَنْ يُذنب الذنبَ الذي يبيح استرقاقه، وأما الإسلام السابق فهل يمنع


(١) انظر من نقل الإجماع في: موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (مسائل الإجماع في أبواب النكاح) (٣/ ٤٧٠ وما بعدها).