للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه قيل: سُرِّيَّة مأخوذة من السِّرِّ وهو الجماع، والسرر من المضعَّف، والسرية من المعتل كما قال امرؤ القيس:

ألا زعمت شباب (١) الحي أني ... كبرت وأن لا يحسن السِّرَّ أمثالي (٢)

والله ــ تعالى ــ إذا شرع للمؤمنين تحلة أيمانهم ــ وهي الأيمان التي يعقدونها ليحض أحدهم نفسه أو غيره أو يمنعها ــ وعقدوها بالله ولله توكيدًا= كذلك الحض والمنع، وأما ما يكون من العقود بينهم وبين غيرهم؛ فهذا (٣) لم يفرض الله تحلته وإنْ سُمِّيَ يمينًا، وكذلك ما عقدوه لله بالتزام ما أوجبه عليهم، فهذا واجب بأمر الله ــ تعالى ــ لم يَفْرِض الله تحلته؛ فكل عقدٍ أمر الله بالوفاء به عينًا ــ إما لحقِّه وإما لحق العباد ــ فلم يفرض تحلته، وإِنْ حلف حالف بالله ليوفين فيه، وما وَفَى بل غدر كان عليه مع الإثم الكفارة، مع أنَّ إثم الغدر والنكث باقٍ عليه.

ثم قد يقال: إنما سمي من العقود يمينًا ما يتضمن الحلف بالله وإن كان الوفاء به واجبًا (٤) وإن لم يُذكر فيه اسم الله بل ذكر فيه ألفاظ أخرى؛ كقوله: عليَّ عهد الله وميثاقه، أو عليَّ العهد والميثاق؛ والفقهاء متنازعون في انعقاد


(١) في هامش الأصل: (بسباب) وفوقها حرف (ظ) وقبله حرف (خ).
(٢) ديوان امرئ القيس (ص ٢٨)، والبيت فيه هكذا:
أَلا زَعَمَتْ بَسْبَاسَةُ اليومِ أنني ... كبرتُ وَأَنْ لا يُحْسِنَ اللهوَ أمثالي
وفي غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٢٣٨) وغيره: «السِّرَّ» بدلًا عن «اللهو».
(٣) في الأصل: (غيرها فلهذا)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(٤) في الأصل: (واجب)، والصواب ما أثبتُّ.