للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكة لطلب غريمٍ له هناك أو للتجارة، فإذا قال: إنْ فعلتُ كذا فلله عليَّ المشي إلى مكة؛ فهنا الفعل وإِنْ كان قربة فهو لم يقصد أن يلتزمه لله وإنما قصد الحض والمنع بلزومه، وكذلك إذا قال: لله عليَّ أنْ أُعتق عبدي أو فعبيدي أحرار، وإنْ كان الفعل ليس قربة ولكن التزمه لله يَظُنُّهُ قربة كقوله: إنْ شفى الله مريضي فعليَّ أَنْ أنحر نفسي أو ولدي لله أو لأدعنَّ اللحم لله والنكاح لله ونحو ذلك، فهذا لا يلزمه لكن في الكفارة قولان مشهوران؛ وظاهر مذهبِ أحمد لزوم الكفارة، وظاهر مذهب الشافعي أن لا كفارة عليه، وأما أبو حنيفة ومالك فاستثنيا بعض المعاصي كذبح الولد لِمَا نُقِلَ عن ابن عباسٍ وغيره (١).

وأما إذا لم يكن الفعل قربة ولا قصد التقرب به إلى الله بل الحض أو المنع كقوله: إِنْ فعلت كذا فعليَّ أَنْ أُطَلِّقَ امرأتي أو فهي طالق أو فهي عليَّ كظهر أمي أو فعليَّ أَنْ أتظاهر منها أو فهي عليَّ حرام أو فعليَّ أن أُحَرِّمَهَا = فهذا لا يلزم إذا كان نذرًا في الذمة بلا نزاع، وأما إذا كان إيقاعًا في العين فهو محل النزاع، ومعلومٌ أَنَّ هذا أولى أن يكون يمينًا.


(١) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٦١٠)، وعبد الرزاق في المصنف (١٥٩٠٣)، وابن أبي شيبة (١٢٦٥٤) وغيرهم أنَّ امرأة سألت ابن عباس - رضي الله عنهما - فقالت: إني نذرت أن أنحر ابني. فقال: لا تنحري ابنك، وكفري عن يمينك. فقال رجل: كيف يكون في طاعة الشيطان كفارة يمين؟ فقال ابن عباس: أليس قد قال الله في الظهار: {إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}؟ فيه من الكفارة ما قد سمعت.
قال البيهقي في السنن الكبير (٢٠/ ١٩٥): إسناده صحيح.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (١٢٦٥٥) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.

وجاء عن جماعةٍ من التابعين: أخرج مروياتهم ابن أبي شيبة في مصنفه (١٢٦٥٦ - ١٢٦٦٠).