للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الصحابة، ولا نُقِلَ عن أحدٍ من التابعين به نقل صريح، بل النقولات الكثيرة المتواترة عن التابعين، بل وعن الصحابة تقتضي وقوع الطلاق المعلق إذا قصد وقوعه عند وجود الصفة.

وكلام المعترض يتضمن ترجيح هذا القول الشاذ على القول المُفَرِّقَ بين تعليق وتعليق، وهو القول الثابت عن الصحابة وأكابر التابعين وجمهور العلماء، بل هو القول الذي لا يقومُ دليلٌ شرعي لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس إلا عليه.

الوجه الثالث: قوله: (تَخيل أَنَّ الإنشاءات لا تقبل التعليق) يدل على أَنَّ مستند هؤلاء في منع التعليق هو هذا التخيل، وهذا التخيل لم يَذْكُر أحد من العلماء أنه مستنده؛ فليس هو قطعًا مستند مَنْ نَفَى وقوع الطلاق المعلق، لا من الفقهاء القَيَّاسِين كأبي عبد الرحمن، ولا من أهل الظاهر كابن حزم، ولا من الشيعة.

فإنَّ أبا عبد الرحمن بَيَّنَ مستنده، وهو قياسه ذلك على المتعة كما تقدم.

وأما ابن حزم فَبَيَّنَ مستنده، وهو أنه [٢٤١/ أ] لم يَرِدْ بذلك نص في دعواه، وأما كونه يقبل التعليق أو لا يقبله فهو لا يلتفت إلى مثل هذا الكلام، ولو كان يقبل التعليق ولم يرد به نص لم يكن تعليقًا صحيحًا.

والمعترض قد سَلَّمَ أَنَّ الإنشاء لا يقبل التعليق، وإنما الذي يقبله عنده موجب الإنشاء لا نفس الإنشاء، وَسَلَّمَ أنه لا يكفي في صحة التعليق وغيره من العقود الأدلة العامة، بل لا بُدَّ من دليل خاص يدل عليه ولم يذكر دليلًا خاصًّا كما تقدم، فكان ما ذكره من الأصول التي اعتمدها حجة على بطلان تعليق الطلاق لا على صحته.