للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى النذر، فإذا كان معناه معنى النذر وجهة القربة فعلى حديث أبي لبابة، فَمَنْ عَقَدَ يمينًا يريد اليمين فهو على ما عقد، وإن كان من جهة النذر؛ كقول أخت عقبة بن [١٣٧/ أ] عامر أمرها بالتكفير لتعذيبها نفسها وبإنفاذ ما أوجبت على نفسها؛ فأحمد اعتبر قصده اليمين.

والقاصد لليمين لا يكون قاصدًا لليمين حتى يكون كارهًا للزوم ما عَلَّقَهُ وإِنْ وُجِدَ الشرط، فالحالف يريد الحض والمنع، ولا يريد لزوم ما عَلَّقَهُ، بل عَلَّقَهُ ليكون حاضًّا ومانعًا، وأما الناذرُ فيريد ما علَّقه، كذلك تعليق الطلاق والعتاق إذا كان حالفًا لم يكن مريدًا لهما، وإن كان موقعًا كان مريدًا لهما.

الثاني: قوله: (ولا نزاع في ذلك).

فيقال له: بل أنت تُنازع في كون هذه التعاليق أيمانًا في الشرع واللغة، وتَزعم أن تسمية ذلك أيمانًا اصطلاح، فقولك: لا نزاع في ذلك من العجائب!

وإِنْ أراد أنه لا نزاع في ذلك في مذهب أحمد، فليس الأمر كذلك؛ بل نقول:

الوجه الثالث: أَنَّ أحمد قد اختلف كلامه كما اختلف كلام غيره من الأئمة؛ فتارة يجعل تعليق الطلاق والعتاق الذي يقصد به اليمين يمينًا، وتارة لا يجعله يمينًا.

وأما تعليق النذر الذي يقصد به اليمين: فعامة نصوصه على أنه يمين، فإنه جعله يمينًا في الكفارة بلا نزاعٍ عنه، وكذلك في الاستثناء هو يمين بلا ريب.