ومعلوم أنه لم يوقع الطلاق عند الصفة لا منجزًا ولا معلقًا وإنما عَلَّقَهُ قبل ذلك، فإنْ لم يكن التعليق إيقاعًا منجزًا ولا معلقًا لم يقع الطلاق بحال، وكذلك سائر التعليقات؛ وإن كان إيقاعًا في الحال لِمَا يقع في المآل= فإما أن يكون الإيقاع منجزًا أو معلقًا؛ فإن كان منجزًا لزم الوقوع في الحال، وإنْ كان معلقًا فالإيقاع عنده لا يقبل التعليق.
وإنْ قال: هو إيقاعٌ منجَّز مقتضاه وقوعٌ مُؤَخَّرٌ= لم يكن هذا معقولًا، بل المعقول: أن الإيقاع المنجَّز حكمه: وقوعٌ منجَّز.
وإنْ قال:[الإيقاع](١) المنجز تارة يُجعل وقوعه منجزًا، وتارة يُجعل وقوعه معلقًا = كان معناه أنه أوقع الآن ما لا يقع الآن، بل يقع فيما بعد.
فيقال له: هذا مكابرة؛ فإنه لم يوقع الآن شيئًا، بل الآن عَلَّقَ الطلاق، ومجرد التعليق ليس إيقاعًا في الحال، وإنما هو إيقاع عند الصفة، فإن لم يكن الإيقاع معلقًا= فلم يوقعه لا منجزًا ولا معلقًا.
وأيضًا؛ فالوقوع لازم للإيقاع الشرعي، والإيقاع الشرعي مستلزم للوقوع، يمتنع وجودُ أحدِهما دون الآخر، والإيقاع عِلَّةٌ تامةٌ للوقوع وهو الإيقاع الجازم، فلا يتأخر الوقوعُ عن عِلَّتِهِ [١٦٤/ ب] التامة، والإيقاع الجازم عِلَّةٌ تامة للوقوع، فلو كان المعلِّق قد وُجِدَ منه إيقاعٌ تامٌّ لَلَزِمَ وجودُ الوقوع في الحال؛ فعلم أنه لم يوجد منه في الحال إيقاع تام، وإنما يتم إيقاعه إذا حصلت الصفة، فإنه قصد أن يقع عند الصفة، لم يقصد أن يقع قبل ذلك، فإذا وُجِدَتِ الصفة عُلِمَ أنه أراد الوقوع حينئذٍ.