للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنَّ جماهير علماء المسلمين من السلف والخلف يُسَوون بين تعليق الطلاق والعتاق وبين تعليق النذر؛ إما في لزوم المعلَّق، وإما في القول بالتكفير، وإما في نفي هذا وهذا.

والمنقول عن الصحابة ــ رضوان الله عليهم ــ في هذا الباب بالإسناد الصحيح والضعيف ليس في شيء منه التفريق، بل إنما فيه التسوية بينهما؛ إما في الكفارة ــ وهي النقل الثابت بلا ريب عنهم ــ، وإما في الإلزام بالجميع، وأَمَّا الفرق (١) بينهما فلم ينقله أَحَدٌ علمناه عنهم بإسنادٍ صحيح ولا ضعيف.

وأيضًا؛ فلا يستريب عاقل أَنَّ بَيْنَ التعليقين إذا قُصِدَ بهما اليمين قَدْرًا مشتركًا، وهو قصد اليمين، فإنَّ هذا معلوم بالضرورة، ولا يستريب عاقل أَنَّ كونَ المعلِّق قصد بتعليقه اليمين وصفٌ مؤثر عند جمهور علماء المسلمين من السلف والجمهور، وهو الثابت عن الصحابة وعامة التابعين = مِنْ جنس التعليق الذي يقصد به اليمين، ثم جمهورهم يقولون: هي يمين مكفرة، ومنهم مَنْ قال: هي يمين غير محترمة، وليست من أيمان المسلمين، فلا كفارة فيها.

وأما القول بأنَّ القاصد قصد يمينًا لازمًا (٢) بقوله بل (٣) يلزمه ما علَّقه= فليس هو قولًا مشهورًا عن الصحابة والتابعين، وإنما اِشْتَهَرَ بعد ذلك، ثم القائلون به يسوون بين تعليق النذر وتعليق الطلاق في لزوم الجميع، والذين


(١) في الأصل: (لِفَرقٍ)، والصواب ما أثبت.
(٢) هكذا قرأتها، وحرف الزاي ساقط من الأصل.
(٣) كذا في الأصل، ولعلها: (بأن).