للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه (١).

وأيضًا؛ فسواء أريد به جنس النذر أو نذر معين؛ من المعلوم أَنَّ الكفارة في النذر واليمين لا تجب (٢) مع الوفاء، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كفارة النذر كفارة يمين» لا يقتضي وجوب الكفارة مطلقًا، بل ولا إباحتها مطلقًا، بل يقتضي أَنَّ الذي يُكَفِّرُ النذرَ هو ما يكفر اليمين؛ فثبت أَنَّ النذر فيه كفارة اليمين.

وقوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٩] قال بعض الناس (٣): مراده: ذلك كفارة أيمانكم إذا حنثتم (٤). ولا تحتاج الآية إلى إضمار، فإنه ليس [٢٥٧/ أ] في قوله: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ} إيجاب الكفارة بمجرد اليمين حتى يحتاج أَنْ نضمر الحنث الذي به تجب الكفارة، بل النصُّ دَلَّ على أَنَّ هذا هو كفارة اليمين، كما قال تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ} [المائدة: ٨٩] فهذه الكفارة هي كفارة عقد اليمين. كما يقال: كفارةُ الظهار؛ ومعلوم أنها إنما تجب إذا عاد إلى ما قال. ويقال: جزاءُ الصيد؛ ومعلومٌ أنه إنما يجب إذا قَتَلَهُ. ويقال: فديةُ الأذى؛ ومعلومٌ أنها لا تجب بنفس الأذى بل بالحلق، ومثل هذا كثير.

ومثله قوله تعالى في الآية الأخرى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] وهي الكفارة، لكن سماها تَحِلَّة، لأنها تحل عقد اليمين، وسماها


(١) دلالة الألفاظ عند شيخ الإسلام (٢/ ٥٢٥).
(٢) في الأصل زيادة: (إلا)، والصواب حذفها.
(٣) هو أبو ثور؛ كما تقدم في (ص ٧).
(٤) في الأصل: (حلفتم)، والصواب ما أثبتُّ. كما تقدم مرارًا، وكما سيأتي قريبًا.