للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفارة لمحوها ما انعقد سببه من الإثم، والكفارات جعلها الله ماحية.

وهذا كقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] فالمراد: أَنَّ ذلك يجزئه، وقد علم أنه إنما يجب إذا أفطر، ونظائره متعددة.

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كفارة النذر كفارة يمين» (١) بيانٌ لكونِ النذرِ كفارتُهُ كفارةُ يمين، ثم قد ثبت بالنص والإجماع أنه يجب الوفاء بالنذر، فإذا لم يوف به كان كاليمين التي حنث فيها تلزم كفارة يمين كما يلزمه في اليمين، وهذا قول السلف وهو مذهب أحمد وغيره.

ولهذا قال عقبة بن عامر ــ راوي الحديث ــ: النذر حَلْفَةٌ (٢). وقال عمر وابن عباس وجابر وغيرهم - رضي الله عنهم -: النذر يمين (٣).

فنذر اللجاج والغضب لم يسمِّهِ أَحَدٌ من الصحابة نذرًا، بل هو عندهم يمين من الأيمان، ولكن بعض الناس سماه نذر اللجاج والغضب تسميةً بعيدةً لكون صورته صورة النذر وَإِنْ لم يكن نذرًا، فإنه التزم ما عَلَّقَهُ على تقدير الشرط، لكن مع كراهته للزومه (٤) له.

ومثله تسمية الحالف بالطلاق والعتاق مُطَلِّقًا ومعتقًا، وتسمية الحالف بالظهار والحرام مظاهرًا ومحرمًا، فيقال: طَلَّقَ إِنْ فعل كذا، وظاهر إن فعل


(١) تقدم تخريجه في (ص ٩٢).
(٢) تقدم تخريجه في (ص ١١٨).
(٣) تقدم تخريجه في (ص ١٤٣).
(٤) في الأصل: (المذمومة)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.