للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوجب له أن يريد الطلاق ويرجح إرادته على عدم إرادته، لكون المكروه الذي يحصل به مع الطلاق أهون عليه من المكروه الذي يحصل إذا لم يُطَلِّق، مثل أَنْ يكون طلاقه إياها أهون عليه من مقامه مع بَغِيٍّ ومفسدةٍ لمالِهِ ودينِهِ وعرضِهِ ونحو ذلك، وإن كانت نفسه تحبها.

وهذا الطلاق المعلَّق إذا قصد وقوعه عند الصفة؛ قد قال بعض الناس: إنه لا يقع، لكن لم يقل أحد إن فيه كفارة إذا لم يقع، بخلاف ما [لا] (١) يقصد وقوعه وإنما عُلِّقَ لقصد اليمين؛ فهذا فيه الأقوال الثلاثة: هل يقع، أو لا يقع ولا كفارة فيه، أو لا يقع وفيه الكفارة؟

ولَمَّا كانت الكفارة إنما تلزم في بعض صور الحض والمنع لا في سائر صور الحض والمنع ولا في غير ذلك من صور التعليق = خَفِيَ حكمها على كثير من العلماء، فإن أكثر تعليقات الطلاق لا كفارة فيها باتفاق العلماء، وإنما يقع في التعليق الذي يقصد به اليمين، وهو أن يكون الشرط مكروهًا والجزاء مكروهًا.

وبهذا يظهر أَنَّ قول المعترض: (نعم (٢) مقصوده ألا يقع الشرط، وذلك لا يمنع من قصد وقوع المشروط على تقدير وجود الشرط) (٣) كلامُ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ كُلَّ مَنْ لم يقصد الشرط فهو حالف، وأنه يقال فيه بالكفارة، وليس الأمر كذلك، بل الحالف هو الذي لا يقصد الشرط ولا يقصد الجزاء وإن وجد


(١) إضافة يقتضيها السياق.
(٢) انظر ما تقدم في (ص ٤٥٤).
(٣) «التحقيق» (٤١/ أ).