للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا حلف [١٠/ أ] على هذا التعليق فقال: والله لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، و [والله] (١) لو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم، ووالله لو شاء الله لهدى الناس جميعًا= لم يكن حالفًا على وجود الجزاء في نفس الأمر، لكنه حالف على وجوده بتقدير منتفٍ عنده؛ فهكذا في التعليقات الطلبية هو وإن كان قد جعل الجزاء لازماً للشرط الملزوم فمع قصده اليمين هو يكره الجزاء اللازم كراهة تامة لم يقصد لزومه في نفس الأمر سواء وجد الملزوم أو لم يوجد، كما أن الأول لم يخبر بثبوت الملزوم، بل هو نافٍ له مطلقًا، سواء وجد اللازم أو لم يوجد، لكن هو في الجملة الخبرية التعليقية نافٍ للملزوم مثبتٌ لانتفائه بانتفاء اللازم، وقد يوجد اللازم مرة أخرى ولا يوجد الملزوم، لأنه (٢) يلزم من وجود الملزوم وجودُ اللازم وهو دليل، فإنَّ كل ملزوم دليل على لازمه، والدليل لا ينعكس.

وأما في الجملة التعليقية الطلبية فهو كاره للازم كراهة تامة، لا يريده لا بتقدير وجود الملزوم ولا بتقدير عدمه، ولكن قصده كراهة الملزوم ليمتنع عن فعل الملزوم بامتناعه من فعل اللازم، فالامتناع من فعل اللازم هو ثابت، كما أن نفي الملزوم في الجملة الخبرية قد تتغير إرادته فيريد الملزوم ولا يريد اللازم، فإن لم يكن ليمينه تحلة وإلا لزم وجود اللازم وإن كان كارهًا له لم يرده، وهنا قد يحصل اللازم الذي هو الجزاء؛ كما قال: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: ٢٣] والمراد: لو عَلِمَ الله فيهم خيرًا لأسمعهم إسماع فَهْمٍ، ولو أسمعهم إسماع فَهْمٍ ولم يعلم فيهم خيرًا لتولوا وهم معرضون؛ فسماعهم سماع فهم هو اللازم، وقد يوجد اللازم بدون الملزوم، فيوجد الإسماع بدون أن يعلم الله فيهم خيرًا، لكن إذا وجد ذلك تولوا وهم معرضون.


(١) إضافة يقتضيها السياق.
(٢) في الأصل زيادة: (لا)، والصواب حذفها.