للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«إن كتمتموني شيئًا برئت منكم الذمة» ومثل هذا لا يدخل في قول الفقهاء: إذا حلف يمينًا يقصد بها حضًا أو منعًا، فإنه لا يسمى يمينًا بحال، وهم لا يُدخلون هذا في لفظ الحض والمنع الذي يستعملونه (١) في الأيمان، وإنْ كان يسمى في اللغة منعًا؛ فإنَّ هذا مَنْعٌ دخل بين اثنين فصار له اسم يخصه.

وإنْ كان المعلَّق به دعاءً على الغير لم يكن يمينًا؛ كما يقول الإنسان لغيره: إنْ ظلمتني فالله ينتقم منك، وإن لم تعطني حقي فالله يأخذ حقي منك ونحو ذلك؛ فإنَّ هذا شرط ليس مقصودًا في نفسه، ومقصوده أَنْ يعطيه حقه وليس يمينًا، بخلاف ما لو كان الدعاء على نفسه كقوله: إنْ لم أعطك حقك يقطع الله يدي ورجلي؛ فهذا يمين سواء كانت مُكفَّرة أو غير مُكفَّرة.

وكذلك ألفاظ الوعيد كقوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: ٣٨] {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفال: ١٩] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٨]، ولم يقل أحدٌ أَنَّ هذا يمين.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نصرني الله إنْ لم أنصر بني بكر» (٢)

يمين، وكذلك قول القائل: إِنْ لم أفعل كذا، وإن فعلت كذا فكل مملوك لي حرٌّ وكل امرأة لي طالق وعليَّ ثلاثون حجة ومالي صدقة= يمينٌ.


(١) في الأصل: (يستعملوه)، والجادة ما أثبت.
(٢) لم أجده بهذا اللفظ.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (٧/ ٣٤٣)، والفاكهي في فوائده برقم (٢٣٠) من حديث عائشة - رضي الله عنها - بلفظ: «لا نصرني الله إِنْ لم أنصر بني كعب».

قال الهيثمي في المجمع (٦/ ١٦٢): رواه أبو يعلى عن حزام بن هشام بن حبيش، عن أبيه، عنها؛ وقد وثقهما ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح.