للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يُعَلِّقُ الطلاق بفعلها ظنًّا أنها لا تختار الطلاق، سواء كان الشرط مقصودًا أو غير مقصود، كما يقول لها: إِنْ أبرأتني من صداقك فأنت طالق، وهو يظن أنها لا تبرئه ولا تختار طلاقه، ولو عَلِمَ ذلك لم يقل لها ذلك، لكن يقول ذلك ليريها أنه ليس براغب فيها إذا فعلت ذلك مع أنه راغب فيها؛ فهذا في وقوع الطلاق به نزاع.

وكذلك لو اعتقد أنها فعلت أمرًا نهاها عنه فقال: هي طالق، ثم تبين له أنها لم تفعله؛ ففي وقوع الطلاق به قولان معروفان، والأظهر: أنه لا يقع؛ كما قد بسط في موضع آخر (١).

والمقصود هنا: أنَّ التعليق الذي يَقصد به يمينًا ــ حضًّا أو منعًا أو تصديقًا أو تكذيبًا ــ يسميها الصحابة والتابعون وعامة العلماء وأهل الإسلام يمينًا، ولا يسمون ما ذكره من تعليق فسخ العقود يمينًا كقوله: «برئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتم شيئًا» (٢).

ومن الفقهاء مَنْ يسمي كل تعليق للطلاق يُقصد به حضٌّ أو منعٌ يمينًا، أو كُلَّ تعليقٍ للطلاق يمينًا، ولا يسمون هذه التعليقات يمينًا وإِنْ كان فيها حضٌّ أو منعٌ= لكن هذان عرفان حادثان، وهؤلاء عمموا الاسم دون الحكم.

ولم يُعْرَف تسمية ذلك يمينًا عن الصحابة بل ولا عن التابعين لكونهم كانوا أحدث علمًا باللغة [١٩/ أ] التي نزل بها القرآن، وكانوا أعرف بمعنى اليمين المعقول والفرق بينه وبين غيره؛ ولهذا كان جمهورهم على التكفير


(١) مجموع الفتاوى (١٩/ ٢١٠)، (٣٢/ ٨٦)، (٣٣/ ٢١٠ - ٢١٥ مهم)، الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٠٩)، منهاج السنة (٥/ ٩٠).
(٢) تقدم تخريجه في (ص ٥٢).