للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا؛ فالحض والمنع إذا دخل في عقد آخر غير عقد اليمين كان له اسم آخر، مثل دخوله في العقد بين اثنين مثل: عقد النكاح والبيع والإجارة؛ فإنه تضمن أن كلًا منهما يطلب من الآخر مقصوده ولا يسمي الفقهاء هذا حضًّا، وتضمن أَنَّ كلًا منهما يمنع الآخر عن خلاف موجَب العقد ولا يسمون هذا منعًا، بل لفظ الحض والمنع يَخُصُّونَهُ بالطلب المؤكد بالقسم.

فإنَّ لفظ الحث يتضمن نوع تأكيد للطلب والاقتضاء، فلا يستعمل هذا غالبًا في مطلق الطلب، بل في الطلب المؤكد، كما يقال: حَضَّهُ وحَرَّضَهُ، فإذا قُرِنَ بهذا المنع أرادوا به المنع المؤكد بالقسم؛ ففيهما معنى الأمر والنهي، لكن أمر مؤكد بالقسم ونهي مؤكَّد بالقسم (١).

فصار لفظ اليمين ولفظ الحض والمنع يقتضي تخصيص ذلك بالمؤكد، والمؤكد هو الذي يُعلِّقُ به ما يكره لزومه له وإن وجد الشرط، فإنَّ ما كان كذلك كان التخصيص والمنع به أبلغ من جهة الحالف، فإنه إذا التزم عند المخالفة ما يكره لزومه له كان أشد امتناعًا منه، بخلاف ما إذا التزم ما لا يكره هو لزومه له، فإنه لا تكون كراهته له مثل كراهته لما يلتزم به ما يكره، كمن [٢٠/ أ] نهى غيره عن فِعْلٍ وتوعَّدَهُ عليه بعقابه، فإنَّ العقاب ضررٌ يلحق بالمنهي الممنوع لا بالناهي المانع، بخلاف لزوم ما يكره عند الحنث فإنه ضرر يلحق بالمانع الحالف لا بالممنوع المحلوف عليه، لكن قد يضره من جهة أخرى كما يضر المرأة أنْ تُطَلَّق.


(١) مجموع الفتاوى (٣٣/ ٢٣٢)، المستدرك على مجموع الفتاوى (٥/ ٣٥)، مختصر الفتاوى المصرية (ص ٥٣٨)، اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٣٢٩).
وانظر: بدائع الفوائد (٢/ ٦٤٤ - ٦٤٦).