للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا: إنْ قلنا: يزول ملكه، لم يجز الإبدال وإلا جاز؛ وليس بشيءٍ؛ فإنَّ العبد المنذور عتقه لم يزل ملكه عنه ولا يجوز إبداله بلا نزاع، لأنه هو المستحق للحرية فلا يصرف عنه، والمسجد الذي زال ملكه عنه يجوز إبداله حيث يجوز الإبدال: إما إذا تعذَّرَ الانتفاع وإما إذا كان البدل خيرًا من المبدل منه؛ كما فعل أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - لما أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد أصلح منه للمسلمين وصار الأول سوقًا للتمَّارين (١).

فجواز الإبدال والمنع منه ليس ملازمًا لبقاء الملك وزواله، ولا ريب أنَّ مَنْ جعلها هديًا أو أضحية عليه أن يذبحها وهو أحق بذلك من غيره، وكذلك [٣٦/ ب] إذا قال: هذا المال صدقة فهو بهذه المنزلة.


(١) أخرج الطبراني في معجمه الكبير (٩/ ١٩٢/ رقم ٨٩٤٩) من طريق القاسم قال: قَدِمَ عبد الله وقد بَنَى سعدٌ القصر، واتخذ مسجدًا في أصحاب التمر، فكان يخرج إليه في الصلوات؛ فلمَّا ولي عبد الله بيت المال نُقِبَ بيتُ المال، فأخذ الرجل، فكتبَ عبد الله إلى عمر، فكتب عمر: (ألا تقطعه، وانقل المسجد، واجعل بيت المال مما يلي القبلة؛ فإنه لا يزال في المسجد مَنْ يصلي) فَنَقَلَهُ عبد الله وَخَطَّ هذه الخُطَّة، وكان القصر الذي بنى سعد شَاذروان، كان الإمام يقوم عليه، فأمر به عبد الله فنقض حتى استوى مقامُ الإمام مع الناس.
قال في المجمع (٦/ ٢٧٥): رواه الطبراني؛ والقاسم لم يسمع من جده، ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه الطبري في تاريخه (٤/ ٤٦) في خبرٍ طويلٍ. وإسناده لا يصح.
وانظر: مجموع الفتاوى (٣٠/ ٤٠٥)، (٣١/ ٩٣، ٢٥٢، ٢٥٤، ٢٦٦)، الفتاوى الكبرى (٤/ ١٥٦، ٢٨٨، ٣٥٩، ٣٦٠، ٣٦٢).