بعدم الوقوع كان احتياطك بالتكفير أولى في العقل، وأمرك بالتكفير لغيرك احتياطًا أبرأ لعرض كل منهما ودينه، وهذا [٤٩/ ب/ ب] احتياطٌ بفعل خيرٍ وبر، ليس فيه شيء من الشر، وهو دائر بين الإيجاب والاستحباب، فإن لم يكن واجبًا فلا ريب أنه مستحب.
وأما إيقاع الطلاق فليس بواجب ولا مستحب من الزوج فضلًا عن أن يكون واجبًا أو مستحبًا من المفتي؛ فإنَّ المفتي والحاكم وولي الأمر كلٌّ منهم لا يَحِلُّ له أن يحرمها على زوجها ويحلها لغيره إلا بدليل شرعي سالم عن المعارض، ومع النزاع في الإيقاع لا يمكنه دعوى الإجماع، وليس معه كتاب ولا سنة ولا قياس.
وإذا كان معه تقليد طائفة من علماء المسلمين؛ فالتقليد ليس فيه علم بالشرع ودليله الخاص، وإنما فيه علمٌ بأنَّ هذا قول فلان، وأنه يسوغ تقليده، فالمقلِّد لا يعلم ولا يظن أن هذا حكم الله في نفس الأمر إن لم يقترن بذلك أمارات تقوي ظنه أن هذا حكم الله في نفس الأمر؛ وحينئذٍ فلا يكون تقليدًا محضًا.
وإذا عَرَفَ المقلد أنَّ النزاع حاصلٌ في المسألة، وأن الذين يُقَلِّدُهُم لم يظهر لهم حجة يقطعون بها مَنْ نازعهم، ولا أظهروا علمًا يجب على الأمة اتباعه، مع توفر الهمم والدواعي على إظهار العلم ومسيس الحاجة إلى ذلك، ووجود ما يحمل النفوس على إظهار ما عندها من العلم لما وجد في ذلك من التحدي (١) والمعارضة والمخاصمة، وتشوف همم العامة