للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرهما من الصحابة ــ رضوان الله عليهم ــ: أقول فيها برأيي؛ فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه (١).

ومن تَدَبَّر هذه (٢) [٥٠/ ب] الإجماعات التي يذكرها مثل هؤلاء القاصرين في معرفة علم الكتاب والسنة وأقوال السلف والخلف لا سيما في أصول الدين فضلًا عن فروعه= وَجَدَ من ذلك أمورًا كثيرة، فلا يعجب بعدها من دعواهم إجماعات لا علم لهم بحقيقتها، فإنَّ هذا كثير منهم جدًا، وهو من البدع التي انتشرت بعد انقضاء القرون المفضلة حتى كان الأئمة كأحمد بن حنبل - رضي الله عنه - وغيره يذمون هؤلاء المبتدعين على دعواهم ما لا علم لهم به.

ولهذا قال الشافعي - رضي الله عنه - (٣): وإنما الأقوال المبتدعة المخالفة للكتاب والسنة ولما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون التي هي أقوال منكرة تناقض مقصود الرسالة، وتُسَلِّطُ أعداءَ الملة على القدح فيها = هي الأقوال التي أُحدثت لما كَثُرَ القول بلزوم الطلاق ووقوعه حيث لم يوقعه الله ورسوله، فأحدثت لأجل ذلك بدعة كالقول بأن تتزوج المرأة من لا يريد أن يتزوج بها ولا يريد إلا أن يحلها للأول، وقد لعن الله ورسوله هذا المحلِّل والمحلَّل له (٤).


(١) تقدم تخريج الأثرين في (ص ٤٠).
(٢) كلمة لم أستطع قراءتها، ولعلها ما أثبتُّ.
(٣) لم أجد هذا النقل عن الشافعي، وأخشى أن يكون كلام الشافعي قد سقط من الأصل؛ والله أعلم.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٦١٩٠)، وأحمد في مسنده (٧/ ٣١٣)، والنسائي (٣٤١٦)، والترمذي (١١٢٠)، والبغوي في شرح السنة (٩/ ١٠٠) وغيرهم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.

وقال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح. وقال ابن حزم (ص ١٧٦٣): لا يصح في هذا الباب سواه. وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ١٥٩): وقد روي هذا المعنى من طرق صحاح عن ابن مسعود وغيره.
انظر: العلل لابن أبي حاتم (٤/ ٣٥)، نصب الراية (٣/ ٢٣٨)، البدر المنير (٧/ ٦١٢)، إرواء الغليل (٦/ ٣٠٧)، صحيح أبي داود (الأم) (٦/ ٣١٥).