للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبي حنيفة وغيرهم يفتون بأنَّ فيه كفارة يمين (١)، وكان من الملوك من يكره أَنْ يُفْتَى في مثل هذا بكفارة يمين، كما هو الواقع في كثيرٍ من الأزمنة.

حتى إِنَّ مالكًا لما أفتى بأن يمين المكره لا تلزم، جَعَلَ من أراد (٢) الانتقام منه هذا حجة في ضربه، وحتى شهروه وضربوه ثلاثين سوطًا (٣)، وقد (٤) [٧٨/ ب] روي عن الشافعي أنه قال: إنما حقد أمير المدينة عليه لتفضيله عثمان على علي، وسئل عن ذلك. فقال: لا أجعل من خاض في الدماء كمن لم يخض فيها (٥)، ولكن الهاشمي لم يمكنه إظهار العقوبة على هذا، فجعل ذلك حجة ليقال إنه عاقبه غضبًا للمنصور، وأنه حَلَّ أيمان البيعة، واتفق هو وقاضي المدينة على هذا.

وكذلك الشافعي؛ رُوِيَ (٦) أنه لمَّا قدم بغداد في زمن الرشيد نُهِيَ أن يتكلم في الحلف بالطلاق المعلق على النكاح، لكراهة الرشيد لذلك (٧). وقد رأينا من ذلك في زماننا وغيره ما فيه عبرة؛ فكيف لا يقال مع ذلك: إنَّ حميدًا هاب ذكر العتق خوفًا من هؤلاء العلماء المُفَتِّنِيْنَ ومن الولاة المسلَّطين؟!

وكان الإفتاء بلزوم العتق مشهورًا بالعراق، وهذا لما اشتهر تحليف


(١) كذا في الأصل، ولعل الصواب: (بأن ليس فيه كفارة يمين)، حيث سيذكر المجيب أن الإفتاء بلزوم العتق كان مشهورًا في العراق.
(٢) هكذا قرأتها.
(٣) انظر ما تقدم (ص ٤٦).
(٤) هكذا قرأتها، ويحتمل غير ذلك.
(٥) منهاج السنة (٨/ ٢٢٥).
(٦) في الأصل: (روى الشافعي) وقد وضع الناسخ علامة التقديم والتأخير.
(٧) انظر ما تقدم (ص ٤٦ - ٤٧).