للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جرير: (فإنْ قيل: كيف استجزت أنْ تجعل حديث حميد عن أنس في ذلك حجة يعتمد عليها، وقد عَلِمْتَ ما حدثكم به ابن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يُهادى بين ابنيه. فقال: «ما هذا؟» قالوا: نذر أن يمشي. قال: «إنَّ الله لغنيٌ عن تعذيب هذا نفسه» فأمره أن يركب (١)، وليس فيه ذكر الأمر بهدي ولا غيره.

قيل: إنَّ زيادة العدل واجب قبولها، وعبد الوارث ثقة، وزيادته مقبولة) (٢).

قلت: ورواه مسلم ــ أيضًا ــ من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدرك شيخًا يمشي بين ابنيه يتوكأ عليهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما شأنُ هذا الشيخ؟» قالوا: كان عليه نذر. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اركب ــ أيها الشيخ ــ فإنَّ الله غنيٌ عنك، وعن نذرك» (٣).

وهذه حجة مَنْ قال: إنه لا كفارة في نذر المعصية، لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ نذر أَنْ يطيع الله فليطعه، ومَنْ نذر أَنْ يعصي الله فلا يعصه» رواه البخاري (٤)، وليس في الصحيح ذكر كفارة، وكذلك لم يذكر الكفارة في حديث أبي إسرائيل الذي نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل ولا يتكلم (٥)،


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (١٩/ ٩٥)، والترمذي (١٥٣٧).
(٢) هنا ينتهي النقل عن ابن جرير، كما يتضح ذلك بالمقارنة بما في قاعدة العقود (١/ ١٤٤).
(٣) أخرجه مسلم برقم (١٦٤٣).
(٤) تقدم تخريجه في (ص ٦).
(٥) أخرجه البخاري (٦٧٠٤) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.