للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أغرب الأقوال! وما علمتُ هذا القول منقولًا عن أحد من العلماء المعروفين المعتبرين، وإنما يحكى هذا عن بعض الرافضة، وبكل حال فهو قولٌ معلومُ الفسادِ (١)، فإنَّ عتق الكافر يصح بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه، فغير واحد من الكفار أعتق مملوكًا له وأنفذ النبي - صلى الله عليه وسلم - عتقهم، كما أنفذ ما فعلوه من العطية التي قصدوا بها الصدقة (٢).

وقد قال عمرو بن العاص: إنَّ العاص بن وائل نَذَرَ أن يعتق [ ... ] (٣).

وما يشترط فيه التقرب إلى الله كالصلاة والحج لا يصح من كافر، وإِنْ قيل: إِنَّ الكفار كانوا يقصدون بعتقهم التقرب إلى الله ولهذا يثابون على ذلك إذا أسلموا في أظهر القولين؛ كما في الصحيح من حديث حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت أمورًا كنت أتحنث بها في الجاهلية من


(١) انظر ما سيأتي (ص ٦٧١).
(٢) انظر حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - الآتي قريبًا.
(٣) بياض مقدار سطر ونصف.
والحديث أخرجه أبو داود (٢٨٨٣)، والبيهقي في السنن الكبير (١٣/ ٥٨/ ح ١٢٧٦٣) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أنَّ العاص بن وائل السهمي أوصى أَنْ يُعْتَقَ عنه مائة رقبة؛ فأعتقَ ابنُهُ هشام خمسين رقبة، فأراد ابنه عمرو أنْ يُعتق الخمسين الباقية. فقال: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إنَّ أبي أوصى بعتق مائة رقبة، وإنَّ هشامًا أعتق عنه خمسين، وبقيت عليه خمسون رقبة؛ أفأعتق عنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه لو كان مسلمًا فأعتقتم عنه، أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه؛ بَلَغَهُ ذلك».
ولم أجده بلفظ النذر إلا ما قد يُفهم من رواية عبد الرزاق في مصنفه (٩/ ٦١) ولفظها: كان على العاص بن وائل مائة رقبة يعتقها ... إلخ.