ففيه أن ابن عباس لا يوقع لا الطلاق ولا العتاق بالحالف به، لأنه لا وَطَرَ له في الطلاق، ولا هو مريد له، بل هو كاره له، ممتنع من إرادته = فكان قولُ ابن عباس - رضي الله عنهما - نصًّا في أنه لا يقع.
وأما الأثر الذي نقله البخاري ــ رحمة الله عليه ــ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - فليس مقصود البخاري به أنَّ الطلاق المحلوف به يقع، ولكن مقصوده أَنَّ الطلاق المعلَّق بشرطٍ لا يقع بدون وقوع الشرط، سواء قَدَّمَ الشرط أو أَخَّرَه خلافًا لشريح إذا أخر الشرط (١).
وفيه: أن الطلاق المعلق قد يقع به الطلاق، أو يقع إذا قصد إيقاعه عند الصفة، وليس فيه أنَّ السائل لابن عمر - رضي الله عنهما - كان حالفًا يكره وقوع الطلاق وإن وجد الشرط، بل ترجمة البخاري تبين أنه لم يفهم من حديث ابن عمر أنه يقع إلا إذا قصد إيقاع الطلاق؛ فالمعلِّق له بشرطٍ يَقصدُ إيقاعَه عنده قَصْدَ إيقاعه عند الصفة فيقع تبعًا لقصده، وإن كان الشرط يتأخر فإنه لم يقصد إيقاعه إلا عند الشرط، والحالف لم يقصد إيقاعه سواءٌ وُجِدَ الشرط أو لم يوجد.
وأما أثر عثمان بن حاضر فهو في الحلف بالنذر والعتق، وهو يقتضي أَنَّ المعلِّق إذا قصد اليمين يلزمه ما علقه من نذر وعتق، ولكن في نذر المال زكاته، وفي نذر ذبح النفس البدنة، وهذا الأثر لم يقل به أحد من علماء المسلمين لا أحمد ولا غيره من الأئمة الأربعة، ولا غيرهم من أئمة المسلمين، والفرق بين العتق وغيره لم يُنقل عن أحدٍ من الصحابة.
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٦/ ٣٧٩)، وابن أبي شيبة في مصنفه (برقم ١٨٣١٨، ١٨٣٢٢).