للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعرف فيه نزاع (١)، والطلاق قد عرف فيه النزاع، فلو علق وقوع العتاق (٢) بشرط محض وقع، لأنَّ قصده إيقاعه عند ذلك الشرط، وكذلك إذا علق وجوبه كما لو قال: إذا جاء رأس الحول لله عليَّ أَنْ أُعتق عبدي، فإنَّ هذا نذرٌ لازم، إذ النذر المجرد عن الشرط يلزم، والمعلق على حدوث نعمة واندفاع نقمة يلزم، فإذا عُلِّقَ بشرطٍ محض لزم ــ أيضًا ــ، بخلاف ما عُلِّقَ تعليقًا يقصد به اليمين؛ فهذا مورد النزاع.

فإذا قيل: إنَّ بعض الصحابة أوقع العتق المحلوف به كما يوجب النذر المحلوف به، ولم يوقع الطلاق المحلوف به = كان هذا أبعد عن ثلبِ الصحابة ــ رضوان الله عليهم أجمعين ــ ونسبتهم إلى عدم الفقه من أن يقال عنهم: إنهم ألزموا الطلاق المحلوف به دون العتق المحلوف به.

وأيضًا؛ فالعتق والنذر طاعة لله وقربة إليه، فإذا ألزمَ الصحابةُ الحالفَ بذلك جعلًا لتعليق اليمين كتعليق التبرر = كان هذا قولًا قد ذهب إليه كثير من العلماء، وأما الطلاق فليس بقربة ولا طاعة لله.

فلا يلزم إذا قال أحدهم: إنَّ العتق والنذر المحلوف به يلزم أَنْ نلتزم أنْ نحكي نحن عن هذا القائل أنه قال: إنَّ الطلاق المحلوف به يلزم، إلا أَنْ يُعلم من أصوله أو نصوصه ما يقتضي [١٠٩/ أ] التسوية بينهما.

وأما حكاية ذلك عنهم لمجرد قياس لم يَعلم صحته على أصل المعنى،


(١) انظر: موسوعة الإجماع لسعدي أبو جيب (ص ٧٥٧)، وموسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (٣/ ٨٤٤).
(٢) في الأصل: (الطلاق)، وكتب الناسخ في الهامش: (أظنه: العتاق). قلت: وهو الصواب كما يدلُّ عليه السياق.