للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكابر التابعين، بل أكثر العلماء يخالفون ما ذكره أبو مصعب في ذلك، وَيَرُدُّونَ ذلك بعد اعتبار النيةِ، وبعدَ اعتبارِ سببِ اليمينِ وناقلها (١) ــ عند من يقول بذلك كمالك وأحمد بن حنبل ــ إلى عُرْفِ المتكلم في الخروج إلى أهلها وفي الحج.

ولو حلف لا يصلي ولا يصوم ولا يحج هل يحنث بالشروع؟ فيه نزاع مشهور.

والمقصود: أنه لَمَّا كان مشهورًا عند متأخريهم أَنَّ الحالف كالمُوقِع حتى في الحلف بالنذر كما ذكره مالك في موطئه ولم يذكر في ذلك أثرًا عن أحد من الصحابة، مع أنه من عادته إذا كان في الباب أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوعن الصحابة ذكره، [١١٧/ أ] بل ويذكر ما روي عن التابعين.

ولَمَّا ذكر قولهم في الحلف بالمشي وصدقة المال والحلف بالطلاق والعتاق ونحو ذلك وأنه يلزمه ما حلف به =لم يذكر في ذلك أثرًا عن أحد من الصحابة كعادته، فدلَّ على أَنَّ ذلك من رأي متأخريهم؛ كربيعة وابن هرمز وأمثالهما (٢).

وهذا مما يعلم قطعًا؛ لا سيما في مثل مَنْ حَلَفَ على شيءٍ لا يجزم (٣) به فإنهم يلزمونه الطلاق وإن ظهر صدقه، كمسألة [في اللوزة حبتين] (٤)


(١) وضع الناسخ فوق الحرف الأول (ظ)؛ ولعل الصواب: (وباعثها).
(٢) قاعدة العقود (٢/ ٣١٢).
(٣) في الأصل: (يحرم)، والصواب ما أثبتُّ.
(٤) في الأصل: (الملوذين)، وكتب الناسخ في الهامش (ظ)، ولعل الصواب ما أثبت، حيث ذكر هذه المسألة ابن القيم في إغاثة اللهفان (١/ ٢٢٤، ٣٠٤). وانظر: النوادر والزيادات (٤/ ٢٨٦)، والتلقين (١/ ١٢٧)، والكافي في فقه أهل المدينة (٢/ ٥٧٨).