للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلاهما باطل؛ أما الأول فلأنَّ الأقوال الصريحة المتناقضة المنقولة عن الأئمة لا توجب الطعن فيهم بالاتفاق، بل تدل على تغيُّرِ اجتهادهم، وكثرة نظرهم، واتباعهم الحق إذا ظهر لهم، وإذا كان التناقض الصريح على هذا الوجه ليس طعنًا؛ فالتناقض المستنبط أولى.

وأما التخريج؛ فهذا حالُ كُلِّ مَنْ خَرَّجَ لإمامٍ من الأئمة قولًا مخالفًا لقوله [١٣٥/ ب] المنصوص، فإنه إنما يخرجه من نَصٍّ آخر يناقض النص الأول؛ فقول المعترض: (ليس دأب المخرجين) إما جهلٌ بالتخريج وإما تجاهل.

وقوله: (إنَّ التخريج استنباطٌ مما يدل عليه كلام الإمام) كلامٌ صحيح، لكنه استنباط مما يدل عليه كلامه، مع أَنَّ له كلامًا آخر يخالف ذلك الكلام، فهو تخريج من ذلك الكلام المخالف لهذا الكلام.

وأحمد ــ رحمه الله تعالى ــ قد اختلف كلامه في الحلف بالطلاق والعتاق؛ هل هما من الأيمان أم لا؟ فتارةً يجعلهما من الأيمان فيجوِّز فيهما الاستثناء، وتارةً لا يجوِّز فيهما الاستثناء، وتارة يقول: إنه ينعقد بها الإيلاء، وتارة يقول: لا ينعقد بهما الإيلاء، ولما ذكر أن الحالف بعتقِ عبد غيره يكفر كفارة يمين = دَلَّت هذه الرواية على أنه جعل الحلف بالعتق من الأيمان؛ وهو المطلوب، ولهذا صار مثل هذا يجعل قولًا مخرجًا مخالفًا للقول المنصوص.