للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقتضي أَنَّ أحمد فَرَّقَ بين التعليق الذي فيه معنى الحض والمنع وما ليس كذلك، فجعل النسيان مؤثرًا في الأول دون الثاني، وليس في هذا أنه إذا فعل المحلوف عليه عمدًا لا [يلزمه به] (١)، فإنما فيه أنه عَذَرَهُ عند النسيان ولم يعذره عند العمد، ثم إذا لم يعذره فقد يجعل التعليق من جنس التعليق الذي يقصد به الحض والمنع مع قصده الوقوع عند وجود الشرط، وهذا ليس بيمين مكفرة عند أحد من العلماء، وإنْ ظَنَّ هذا المعترض ونحوه أنه مما يقول المجيب فيه بالكفارة = فهذا غلط كما تقدم غير مرة.

فهذا القسم يعذر أحمد فيه بالنسيان والجهل على إحدى الروايتين، وليست يمينًا مكفرة عند المجيب = فعلم أَنَّ عذر الناسي والجاهل لكونه ممنوعًا ومحضوضًا لا لكون ذلك من باب الأيمان المكفرة، فلو ذكر المعترض مثل هذا الكلام لكان فيه منع التخريج من هذا الوجه على أصل أحمد، لكنه لا يمكنه ذكر ذلك، فإنه لا يفرق في التعليق الذي يقصد به الحض والمنع بين من يقصد وقوع الجزاء وبين [من يكره] (٢) وقوع الجزاء، بل يظن الجميع من الأيمان التي نازع فيها المجيب.

ومع هذا؛ فقد يقال: أحمد لما راعى قصد المعلق في الشرط فينبغي ــ أيضًا ــ أَنْ يُرَاعِيَ قصده في الجزاء؛ فإذا كان قَصْدُهُ الحض والمنع جعله كالآمر الناهي يعذر المنهي إذا خالفه ناسيًا، فكذلك في الجزاء إذا قصد إيقاع الجزاء كان موقعًا وإن كان كارهًا لإيقاع الجزاء كان حالفًا، فأصوله ونصوصه تقتضي أنه يعتبر المقاصد والنيات في جميع العقود، ويكون بهذا


(١) ما بين المعقوفتين غير واضحة تحتمل ما أثبتُّ.
(٢) في الأصل: (ذكره)، والصواب ما أثبتُّ.