للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالفرق الشرعي هو: فَرْقٌ يعود إلى نفس عقد التعليق، وقصدِ المعلِّق الناذر والحالف، لا فَرْقٌ يعود إلى نفس المعلَّق؛ هل هو التزام فعل في الذمة أو إيقاع حكم في عين؟ ومعلومٌ أَنَّ الفرق العائد إلى عقد النذر وقصد المعلِّق الناذر الحالف المطلق المعتق، غيرُ الفرق العائد إلى الأمر المعلَّق هل هو إلزام أم إيقاع؟ والشارع إنما اعتبر الفرق العائد إلى العقد والعاقد، لا الفرق العائد إلى المعقود عليه؛ فليتدبر اللبيب هذا، يتبين له غلط من أَلغى الصفات الشرعية التي ناط الشارع بها (١) الأحكام، واعتبرَ صفاتٍ بدعيةً ما أنزل الله بها من سلطان، ويتبين له أن العقد الموجب للأمر المعلَّق موجَبه، وإِنْ كان المعلَّق وجوب فعل في الذمة، وأنه إِنْ [١٥٤/ ب] كان غير موجَب لم يوجِبه، وإن كان المعلَّق وقوع حكم في عين.

ويقال لهذا المُفَرِّقِ بالفروقِ الجاهلية التي ما أنزل الله بها من سلطان، المعرضِ عن الفروق الشرعية الدينية التي أنزل الله بها سلطانه ــ وهو كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - [ ... ] (٢) ــ: الوقوعُ المعلَّق هنا كالوجوب المعلَّق هناك، وأنت تجعل الوجوب لازمًا في نذر التبرر، ولا تجعله لازمًا في نذر اليمين، وكلاهما قد اقتضى تعليقُهُ التزامَ فعلٍ في الذمة، فلو كان كونه التزام فعل في الذمة هو المانع من وجوبه = لم يجب بالنذر شيءٌ في الذمة، وليس الأمر كذلك؛ بل يجب في الذمة ما أوجبه النذر، وإنما لم يجب في نذر اليمين لأنه لم يقصد النذر، بل قصد اليمين، وهو كارهٌ للزوم الجزاء وإِنْ وُجِدَ الشرط، وهذا المعنى بعينه موجود في تعليق الطلاق والعتاق، فإنْ كان


(١) في الأصل: (بهذا)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(٢) بياض في الأصل مقدار كلمة، ويظهر أنَّ الكلام متصل؛ والله أعلم.