وقد يقول: الطلاق يلزمني ثلاثًا؛ ومراده: إيقاع الطلاق بها وأنها تصير مطلقةً منه، ليس مراده: أنه قد لزمني أَنْ أطلقك فيما بعد، واللفظ يحتمل أن يراد به ذلك المعنى الآخر.
وكذلك اللفظ المعلق؛ إذا قال: إِنْ فعلت كذا فالطلاق لازم لي أو يلزمني؛ فإنه ظاهر في أنه يلزمه وقوعه، ويحتمل أَنْ يراد به النذر؛ أي: يلزمني أَنْ أُطَلِّق فيما بعد؛ فكلٌّ من التعليق والتنجيز ظاهر في لزوم الوقوع، ويحتمل أَنْ يرادَ به النذر وليس لكونه معلقًا تأثير، بل هو عديم التأثير وجودًا وعدمًا.
فإنَّ النذر قد يُعَلَّق كما يُعَلَّقُ الإيقاع، والإيقاعُ قد ينجز كما قد ينجز النذر، بل التعليق في النذر يصح بالإجماع، وفي الطلاق نزاع؛ والطلاق المنجَّز يقع بالإجماع، وفي النذر المنجَّز نزاع.
فقول القائل:(لشهرة هذا اللفظ في معنى التعليق حتى إنه ما صار يفهم منه إلا ذلك؛ وكأنَّ هذه القضية منقولة عرفًا إلى هذا المعنى) تعليلٌ باطلٌ، وكلامٌ باطلٌ؛ فإنَّ اللفظ مشهورٌ في قصد الإيقاع لا في قصد النذر، سواء كان منجزًا أو معلقًا، وهذا هو العلة في وقوع الطلاق، فإنَّ معناه عند الإطلاق هو: إيقاع الطلاق لا نذر الطلاق، ثم إذا قصد به النذر؛ فقد يكون منجزًا ومعلقًا، فليس كونه تعليقًا هو المشهور، ولو كان هو المشهور لم يصلح أن يكون ذلك علة في وقوع الطلاق المنجز بهذا اللفظ والجملة الواحدة، كقوله:(الطلاق يلزمني منك) لا تعليق فيها (١)[١٦٢/ أ].