للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو ثور قد عُرِفَ مِنْ قولِهِ صريحًا أَنَّ الإجماع عنده معناه: عدم العلم بالنزاع لا العلم بعدم النزاع؛ وبهذا سَلِمَ مِنْ إنكارِ أحمد على مَنْ يَدَّعِي الإجماع؛ كقول أحمد في رواية ابنه عبد الله (١): من ادعى الإجماع فقد كذب لعل الناس قد اختلفوا؛ هذه دعوى بشر المَرِيْسِي والأصم (٢)، لكن يقول: لا نعلم الناس اختلفوا أو لم يبلغه.

وكذلك نقل المَرُّوذِي عنه (٣) أنه قال: لا يجوز للرجل أن يقول أجمعوا، إذا سمعتهم (٤) يقولون: أجمعوا؛ فاتهمهم، لو قال: إني لا أعلم مخالفًا لكان.

وكذلك نقل (٥) عنه أبو طالب أنه قال: هذا كذب! ما علمه أَنَّ الناس مجتمعون؟ ولكن يقول لا أعلم فيه اختلافًا، فهو أحسن مِنْ قوله إجماع الناس (٦).

وكذلك نقل أبو الحارث عنه: لا ينبغي لأحدٍ أَنْ يَدَّعي في قوله الإجماع،


(١) (ص ٤٣٨).
(٢) سيأتي التعريف بهما في (ص ٧٧٥ وما بعدها).
(٣) نقلها: أبو يعلى في العدة (٤/ ١٠٦٠)، وابن تيمية في المسوَّدة (٢/ ٦١٧).
(٤) في الأصل: (سمعتم)، والتصويب من العدة لأبي يعلى والمسوَّدة.
(٥) في الأصل زيادة: (به)، والصواب حذفها.
(٦) لا أعلم أنَّ مسائله مطبوعة، وقد نقلها: أبو يعلى في العدة (٤/ ١٠٦٠)، وابن تيمية في المسوَّدة (٢/ ٦١٧).