للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإما أَنْ تكون لتعريف الجنس؛ كما إذا قال: إنَّ الصحابة بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة، وفتحوا خيبر ومكة = لم يُرِد [١٨٤/ ب] أحدٌ بذلك جميع الصحابة؛ بل المراد: أن جنس الصحابة فعلوا ذلك، كما قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: ١٧٣] والمراد: أن جنس الناس قال لهم؛ أي: جِنْسُ الناسِ جَمَعَ لكم. {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: ٣٠] ولم يقله كل فرد فرد، وإنما قاله جنسهم، ومثل هذا كثير (١).

وإذا كان سياق الكلام يدل على إرادة الجنس لم يكن للعموم ولم يمنع من الإطلاق، كما في القرآن من هذا كثير، كما ذكروا؛ كقوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: ٧] وليس كل الكفار أنكر البعث، بل أكثر أهل الكتاب يُقرون به، ولكن جنس الكفار ينكرونه.

وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [سبأ: ٧] ومعلومٌ أنه ليس كل واحد واحد من الكفار قال ذلك.

وقال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} [مريم: ٧٣] ومعلومٌ أنه لم يقل ذلك كل كافر لكل مؤمن.


(١) مجموع الفتاوى (١٥/ ٤٧)، الفتاوى الكبرى (٥/ ٧٣)، الجواب الصحيح (٣/ ١١١) (٤/ ٤٧٥)، درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٨٨)، منهاج السنة (١/ ٣٧).