للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرط (١) فيقولون: بل هذا قاصد لوجودها إذا وجد الشرط، كما يقصد غير الحالف (٢) الطلاق إذا قال: إِنْ أعطتني ألفًا فهي طالق، أو إذا طَلَعَ الهلال فهي طالق، أو إذا أَدَّيْتَ لي ألفًا فأنت حر، أو إِنْ شفى الله مريضي فعليَّ الحج وعليَّ الصدقة بألف؛ فيجعلون كلَّ مُعَلِّقٍ مريدًا لوقوع الجزاء عند الشرط سواء كان الشرط مرادًا أو غير مراد، وسواء كان الجزاء مكروهًا دون الشرط أو لم يكن مكروهًا، لكنْ إذا عَلَّقَه فلا بُدَّ أَنْ يقصد وجوده عند الشرط.

ومعلومٌ أَنَّ قولهم هذا خلاف لما يعلمه الناس علمًا يقينيًّا ضروريًّا من أنفسهم، بل ولما يعلمه بعضهم من حال بعض، فإنهم يعلمون أَنَّ أحدًا لا يقصد أَنْ تلزمه هذه اللوازم التي تزيل عنه نعم الله عليه في دينه ودنياه، وتجعله قد وُتِرَ أهلَه وماله ودينه وآخرته، فإنَّ أحدًا لا يقصد أَنْ يلزمه هذا بحال، فضلًا عن أَنْ يقصد إذا فعل فعلًا من الأفعال مثل سفره إلى بلد أو يُكَلِّم بعض الناس أو تزويج بنته أو إعطاء عشرة دراهم يقدر عليها، بل كل عاقل يعلم أَنَّ بَذْلَ هذه الأمور أيسر على كل عاقل من لزوم تلك المكاره، وأنه إذا خُيِّرَ بينَ أَنْ يفعل هذه الأفعال وبينَ أَنْ تلزمه تلك اللوازم = اختار أَنْ يفعلها وأضعافها، ولا تلزمه بعض تلك المصائب العظيمة في دينه ودنياه؛ فضلًا عن أَنْ تلزمه كلها.

وإذا كان معلومًا بالاضطرار أَنَّ هذه الأفعال أحب إليه من لزوم تلك المصائب، فلا يختار إذا فعل هذا الفعل أَنْ تلزمه تلك المصائب العظيمة،


(١) بعده في الأصل: (أو لم يوجد)، وهو تكرار، والصواب حذفه.
(٢) بعده في الأصل: (مثلما يقصد)، ولعل الصواب حذفها.