للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا ريب أَنَّ البيع يصحُّ بكل لسان، وكذلك الإسلام والكفر، وكذلك الطلاق، وكذلك النكاح عند عامة علماء المسلمين، وإنما فيه نزاع شاذ ذهب إليه بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد، والأئمة المتقدمون لم يقولوا شيئًا من ذلك، ولا يوجد هذا في كلام أحمد ولا كلام عامة متقدمي أصحابه، بل ولا يوجد في كلامه وكلام قدماء أصحابه تعيين لفظ الإنكاح والتزويج، ولكنَّ الشافعي اشترط ذلك، ووافقه بعض متأخري أصحاب أحمد؛ كأبي عبد الله بن حامد وصاحبه القاضي أبي يعلى وَمَنْ تَلَقَّى ذلك عنه كأبي الخطاب وغيره (١).

ومأخذ الشافعي - رضي الله عنه - في ذلك: أَنَّ النكاح يُشترط فيه الإشهاد، والإشهادُ إنما يكون على الصريح دون الكناية، إذ الصريح عنده لا بُدَّ أن تقترن به النية لا يُكتفى فيه بدلالة الحال، والنية باطن [ ... ] (٢)، وليس له صريح إلا هذان اللفظان.

وهذه المقدمات ممنوعة ــ هي أو بعضها ــ على أصل أحمد وجمهور


(١) قال المرداوي في تصحيح الفروع (٧/ ١٣٤): وقال الشيخ تقي الدين في قاعدة القياس بعد إطلاق الوجهين: و «التحقيق» أن المتعاقدين إنْ عَرَفَا المقصود انعقدت بأيِّ لفظٍ كان من الألفاظ التي عَرَفَ بها المتعاقدان مقصودهما؛ وهذا عامٌّ في جميع العقود؛ فإنَّ الشارع لم يَحُدَّ حدًّا لألفاظ العقود، بل ذكرها مطلقةً.
انظر: مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥٣٣ وما بعدها) (٢٩/ ٧) (٣٢/ ٣٠٢، ٣٠٩، ١٥٦ مهم)، الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٧١ ــ ٢٧١ مهم) (٥/ ٤٨٦)، تيسير الفقه الجامع للاختيارات الفقهية لابن تيمية (١/ ٤١٠) (٢/ ٦٤٥)، اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية الفقهية (٦/ ١٩) (٨/ ٣١٨) والإحالات التي ذكرها صاحبا الكتابين الأخيرين.
(٢) بياض مقدار كلمة. وانظر: مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥٣٤ - ٥٣٥).