جوابه في الحلف بهما؛ فتارة جَعَلَ ذلك كإيقاعهما فمنع من الاستثناء فيه، وتارة جَعَلَ الحلف بهما من الأيمان فَسَوَّغَ الاستثناء فيه. فلو كان أحمد - رضي الله عنه - ــ كما قاله المعترض ــ لا يَخُصُّ الاستثناء فيما فيه الكفارة، بل يقول به فيما يكفر وما لا يكفر= قال به في الطلاق والعتاق، كما قاله أبو حنيفة والشافعي - رضي الله عنهما -، بل هو في إحدى الروايتين يمنع الاستثناء في إيقاعهما والحلف بهما، وفي الأخرى يجوِّز الاستثناء في الحلف بهما دون إيقاعهما، ولا يقول بالاستثناء في إيقاعهما والحلف بهما حتى يقال: إنه لا يحصر الاستثناء فيما فيه الكفارة بل يراه فيما يكفر وفيما لا يكفر، فإنَّ هذا لم يَنُصَّ عليه قَطُّ، بل نصوصه متطابقة على أَنَّ الاستثناء إنما يكون فيما فيه الكفارة، [٢٤٧/ أ] والطلاق والعتاق لا كفارةَ فيه فلا استثناء فيه، فهذا تارة يريدُ به الحلف والإيقاع جميعًا، فيقول: إِنَّ ذلك لا كفارة فيه فلا استثناء فيه، فهذا يوافق قوله: إِنَّ الحلف بهما ليس فيه استثناء.
وأما إذا قال: الحلف بهما فيه استثناء وإيقاعهما ليس فيه استثناء؛ فهذه الرواية لا تطابق ما ذكره من إثبات الاستثناء فيما لا يكفر سواء كان حلفًا أو إيقاعًا، فإنه إنما أثبته في الحلف دون الإيقاع، فكيف يُكْذَبُ عليه، ويقال: بل مقصوده: أنه لا ينحصر الاستثناء في المكفر، بل يثبت فيما لا يكفر سواء كان حلفًا أو إيقاعًا؟ وهو إنما أثبت الاستثناء في الحلف بهما دون إيقاعهما، ولا يطابق ــ أيضًا ــ إثبات الاستثناء دون الكفارة في الحلف، وإنما يطابق ما ذكرناه، وقد بسطنا كلام أصحابه في هذه الرواية وتعليلها في غير هذا الموضع، مثل قول الشيخ أبي محمد - رحمه الله - (١).