أفرغَ مِنْ بَخوري. . . ودخل رجلٌ على رجلٍ يوماً والمائدة موضوعةٌ والقوم يأكلون وقد رفع بعضُهم يدَه، فمدَّ يدَه ليأكلَ، فقال: أجْهِزْ على الجَرْحى، ولا تتعرّض للأصحّاء. . . يريد: كُل ما كُسِرَ ونيلَ منه ولا تَعْرِضْ إلى الصحيح ورأى رجلٌ الحطيئةَ - الشاعرَ المخضرمَ العبقريَّ اللئيمَ - وبيده عَصاً فقال: ما هذه؟ قال: عَجْراء من سَلَم، قال: إني ضيف، قال: للضّيفانِ أعددتُها. . . ووصف أعرابيٌّ قوماً فقال: ألغَوْا من الصلاة الأذان، مخافة أن تسمعَه الآذان، فيَهُلَّ عليه الضّيفان. . . وفي هذا المعنى يقول شاعرٌ:
تَرَاهُمْ خَشْيَةَ الأضْيافِ خُرْساً ... يقيمونَ الصلاةَ بلا أذانِ
وكانوا يعدّون أن يبيت الرجلُ شبعانَ وجارُه جَوْعانُ، عاراً وشَناراً ولؤماً ونذالة، ويتهاجون بذلك، وأحسن ما قيل في هذا قول الأعشى - ميمون بن قيس - في علقمة بن عُلاثة:
تبيتُونَ في المَشْتَى مِلاءً بُطُونُكم ... وجاراتكم غَرْثى يَبِتْنَ خَمائِصا