للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أفرغَ مِنْ بَخوري. . . ودخل رجلٌ على رجلٍ يوماً والمائدة موضوعةٌ والقوم يأكلون وقد رفع بعضُهم يدَه، فمدَّ يدَه ليأكلَ، فقال: أجْهِزْ على الجَرْحى، ولا تتعرّض للأصحّاء. . . يريد: كُل ما كُسِرَ ونيلَ منه ولا تَعْرِضْ إلى الصحيح ورأى رجلٌ الحطيئةَ - الشاعرَ المخضرمَ العبقريَّ اللئيمَ - وبيده عَصاً فقال: ما هذه؟ قال: عَجْراء من سَلَم، قال: إني ضيف، قال: للضّيفانِ أعددتُها. . . ووصف أعرابيٌّ قوماً فقال: ألغَوْا من الصلاة الأذان، مخافة أن تسمعَه الآذان، فيَهُلَّ عليه الضّيفان. . . وفي هذا المعنى يقول شاعرٌ:

تَرَاهُمْ خَشْيَةَ الأضْيافِ خُرْساً ... يقيمونَ الصلاةَ بلا أذانِ

وكانوا يعدّون أن يبيت الرجلُ شبعانَ وجارُه جَوْعانُ، عاراً وشَناراً ولؤماً ونذالة، ويتهاجون بذلك، وأحسن ما قيل في هذا قول الأعشى - ميمون بن قيس - في علقمة بن عُلاثة:

تبيتُونَ في المَشْتَى مِلاءً بُطُونُكم ... وجاراتكم غَرْثى يَبِتْنَ خَمائِصا

وقول بشار بن برد:

وضَيْفُ عَمْرٍو وعَمْرٌو يَسْهَرانِ مَعاً ... عَمْروٌ لِبِطْنتِه والضَّيْفُ لِلْجُوعِ

وقال شاعرٌ:

وَجِيرَةٍ لا تَرَى في الناسِ مِثْلَهُمُ ... إذا يكونُ لهم عِيدٌ وإفْطارُ

إنْ يُوقِدُوا يُوسِعونا مِن دُخانِهمِ ... وليس يَبْلُغُنا ما تُنْضِجُ النَّارُ

ومن مُلَحِهم فيمن لا يُظْفَرُ بِخُبزه قولُ أبي نواس: