للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أُقَسِّمُ جِسْمي في جُسوُمٍ كثيرةٍ ... وأَحْسُو قَراحَ الماءِ والماءُ بارِدُ

العافي: طالب المعروف، يريد بالبيت الأول: أنه ليس من شِرار الناس يأكل وحده، وقوله: والماء بارد: كنى بذلك عن تحمّله ضررَ نفسِه وعبارة بعض الشراح: يقول عروة: إن قوته الذي هو قوامُ رَمَقِه ومُقيم جِسمِه، يطعمُه ويؤثرُ به على نفسه، وأنّه عند الجَهْدِ وشدَّة الزمان يحسو الماء ويسقي اللبن، فإنّما رغبةُ الجواد في المال ليَهبَه، وطلبُه له ليُنْهِبَه.

وفي هذا المعنى يقول مسكين الدارمي - وهو شاعر شجاعٌ من أهل العراق كان في زمن معاوية بن أبي سفيان -:

إنْ أُدْعَ مِسْكيناً فما قَصَرَتْ ... قِدْرِي بيُوتُ الحَيِّ والجُدْرُ

ما مَسَّ رَحْلي العَنْكبوتُ ولا ... جَدَياتُه مِنْ وَضْعِه غُبْرُ

لا آخُذُ الصِّبْيانَ أَلْثَمُهُمْ ... والأمرُ قد يُغْزَى به الأمْرُ

ولَرُبَّ أمْرٍ قد تَرَكتُ وما ... بيني وبين لِقائِه سِتْرُ

لا يَرْهبُ الجيرانُ غَدْرَتَنا ... حتّى يُوارِيَ ذِكْرَنا القبْرُ