ثيابي ما يستخدِمني، وحتّى لم آكل إلا ما لا أغسل يدي منه! يا بنيَّ، والله ما أدّى حقَّ الركوع، ولا وظيفةَ السّجود، ذو كِظّة، ولا خَشَعَ للهِ ذو بِطْنة، والصَّوْمُ مَصَحّة، والوَجباتُ عيشُ الصّالحين، ثم قال: لأمرٍ ما طالت أعمارُ الهند، وصحّت أبدانُ الأعراب. لله درّ الحارث بن كَلَدَة، حين زعم أنّ الدواءَ هو الأزمُّ، وأنّ الداءَ هو إدخالُ الطعامِ في أثرِ الطّعام!
أي بُنيَّ لِمَ صفت أذهانُ العَربِ؟ ولِمَ صدقت أحساسُ الأعراب ولِمَ صحّت أبدانُ الرُّهبان، مع طول الإقامة في الصّوامع؟ وحتَى لم تَعرف النِّقْرسَ، ولا وجعَ المفاصلِ، ولا الأورام؛ إلا لقلّة الرُّزْء من الطعام، وخِفّة الزّاد، والتبلُّغ باليسير.
أي بنيَّ، إن نسيمَ الدّنيا ورَوْحَ الحياةِ أفضلُ من أن تبيت كظيظاً،