للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسؤول استَعْبَده بها، وإن ردَّه، رَجَع حُرّاً، وهما ذليلان، هذا بِذُلِّ اللؤم وهذا بذلِّ السؤال. وقال أبو تمام:

ما ماءُ كفِّكَ - إن جادَتْ وإنْ بَخِلَتْ ... من ماءِ وَجْهي إذا أَفنَيتُه - عِوَضُ

وقالوا: العَجَبُ لمَنْ يشتري العبيدَ بالأموالِ ولا يشتري الأحرارَ بالنّوال. . . وسُئل خالد بن يزيد: ما الجودُ؟ قال: أن تعطي مَنْ سألك، فقال ابنه: يا أبتِ، هذا هو الكَدُّ، إنّما الجودُ أن تعطي من سألَك ومَنْ لَمْ يسألْك. . وقالوا: أهنأُ المعروف أعجلُه. وقال بعض الناس: إذا أوليتني نعمةً فعجّلها، فإنَّ النفسَ مولعةٌ بحبِّ العاجل، وإنّ الله تعالى قد أخبر عمّا في نفوسنا فقال: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ}. . ولزم بعض الحكماء بابَ بعضِ ملوكِ العجم دَهْراً فلم يَصِلْ إليه، فتلطّف للحاجبِ في إيصال رُقْعةٍ، ففعل، وكان فيها أربعةُ أسطر:

السطر الأول: الأملُ والضرورةُ أقدماني عليك.

والسطر الثاني: هو العدمُ لا يكون معه صَبْرٌ على المطالبة.

والسطر الثالث: الانصرافُ بلا فائدةٍ شماتةٌ للأعداءِ.

والسطر الرابع: فإمّا نَعَمْ مثمرةٌ، وإمّا لا مريحةٌ.

فلما قرأها وقّع في كل سطرٍ: زِهْ، فأعطي ستةَ عشرَ ألفَ مثقالِ فِضّة. زِهْ في لغة الفرسِ معناها: أحسنت. . . ووقفت عجوزٌ على قيسِ بنِ سعد فقالت: